إصلاحات كبرى وجهد جماعي لتحسين مناخ الاعمال
أسهمت الحكومة في تنفيذ عدد من الإصلاحات الكبرى لتحسين مناخ الأعمال وتيسير حياة المقاولات، ودعم الاستثمار. وهي الجهود التي أثمرت عن نتائج واقعية وملموسة لفائدة المقاولات الوطنية والاقتصاد الوطني، لا سيما في مجال الاستثمار والاستثمارات الأجنبية المباشرة وإنشاء المقاولات وحمايتها من الإفلاس. كما عززت هذه الإصلاحات ومختلف السياسات ذات الصلة، من قدرة بلادنا على الصمود في مواجهة الأزمة غير المسبوقة الناتجة عن جائحة كوفيد19-.
من جهة أخرى، وبفضل هذه الجهود ونتائجها الواقعية، فقد تحسن ترتيب المغرب في المؤشر الدولي لمناخ الأعمال بشكل إيجابي خلال الفترة الأخيرة، مما أسهم بكل تأكيد في الإشعاع الدولي لبلادنا وفي جاذبيته الاستثمارية.
1. إصلاحات كبرى وجهد جماعي لتحسين مناخ الاعمال
لقد نفذت الحكومة إصلاحات عديدة، بشراكة مع القطاع الخاص، لا سيما في إطار أشغال اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، تهم أساسا تذليل بعض الصعوبات الإدارية المتعلقة بالحصول على التراخيص والإجراءات الخاصة بإحداث المقاولات والاستثمار، وإصلاح الكتاب الخامس لمدونة التجارة المتعلق بالمقاولة في وضعية صعبة، وتحيين مقتضيات أخرى من مدونة التجارة، وترسـيخ مبـدأ الشـفافية والحكامـة الجيـدة داخل الشركات، ومواصلة تحديث وعصرنة المحاكم التجارية واعتماد القانون المتعلق بالضمانات المنقولة لدعم القدرة التمويلية للمقاولات الوطنية، وتجويد الإطار القانوني والتنظيمي والإجرائي للطلبيات العمومية، وتحسين آجال الأداء، وكذا تعزيز الرقمنة وتبسيط مجموعة من الإجراءات والمساطر الإدارية، وخاصة تلك المتعلقة بالمقاولة (تراخيص البناء، الربط بالكهرباء، أداء الضرائب، نقل الملكية...).
2. إطلاق أول سياسة وطنية مندمجة ومتعددة السنوات لتحسين مناخ الأعمال
وتثمينا لهذه الجهود والإنجازات وترصيدا لها، اعتمدت بلادنا في شهر ماي 2021 سياسة وطنية مندمجة لتحسين مناخ الأعمال، تمتد لخمس سنوات ما بين 2021 إلى 2025، اذ تم إعدادها تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة نصره الله التي وردت في الرسالة المُوجّهة إلى المشاركين في الدورة الثانية للمؤتمر الدولي للعدالة بمراكش بتاريخ 21 أكتوبر 2019.
وتهدف هذه السياسة، التي تمّ إعدادها وفق مقاربة مندمجة بمشاركة قطاعات حكومية ومؤسسات عمومية وممثلين عن القطاع الخاص وعن المجموعات المهنية، إلى تحسين مناخ الأعمال من خلال توفير حلول واقعية لمختلف الإكراهات البنيوية والصعوبات التي تعترض المقاولين والمقاولات الوطنية، أخذا بعين الاعتبار تداعيات جائحة كورونا.
وتعتمد هذه السياسة الوطنية على ثلاثة مرتكزات تهم بالأساس:
• تحسين الظروف المُهيكلة لمناخ الأعمال؛
• تسهيل الولوج إلى الموارد الضرورية للمقاولات؛
• تعزيز الشفافية والشمولية والتعاون بين القطاعين العام والخاص.
وتضم هذه السياسة ثلاثة وثلاثين (33) ورشا إصلاحيا، تروم تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية وتحسين الإطار القانوني والتنظيمي للأعمال وتسهيل الولوج إلى التمويل والبنى التحتية والطلبيات العمومية وتحسين آجال الأداء، بالإضافة إلى تأهيل رأس المال البشري وتعزيز آليات مواكبة المقاولات والابتكار وكذا إدماج القطاع غير المهيكل.
وللإشارة فإن هذه الأوراش الإصلاحية تتقاطع مع التوصيات التي جاء بها تقرير النموذج التنموي الجديد، لاسيما فيما يخص المحور المتعلق بالمقاولة ومناخ الأعمال.
3. التنزيل الفعلي لإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار
في إطار تحسين مناخ الأعمال وتحفيز الاستثمار على الصعيد الجهوي، وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية بتاريخ 30 يوليوز 2017، عملت الحكومة على إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، من خلال ركائز تتعلق بإعادة تنظيم المراكز الجهوية للاستثمار، وإحداث اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار، وأخيراً، تبسيط الإجراءات على المستوى الوطني والجهوي.
وبعد الانتهاء من مسلسل الإصلاح المؤسساتي، تميزت نهاية سنة 2019 بتحويل المراكز الجهوية للاستثمار إلى مؤسسات عمومية وتمكينها من الاستقلال الإداري والمالي وتعزيز موقعها كمخاطب رئيسي للمستثمرين وللإدارة على المستوى الترابي، كما تمّ إطلاق عمل اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار وعقد أربعة اجتماعات للجنة قيادة الإصلاح برئاسة رئيس الحكومة بالإضافة إلى إطلاق بوابة رقمية لتلقي طلبات المستثمرين.
كما واكب هذا الإصلاح، إعداد قائمة أولية تتكون من خمسين اختصاصا متعلقا بالتراخيص اللازمة لإنجاز مشاريع الاستثمار تقرر نقلها من الإدارات المركزية إلى المستوى اللاممركز والحرص على إدراجها ضمن مخططات اللاتمركز الإداري للقطاعات الوزارية المعنية.
وقد بلغ عدد مشاريع الاستثمار التي تمت مواكبة أصحابها من قبل المراكز الجهوية للاستثمار ودراستها والبث فيها من قبل اللجان الجهوية الموحدة للاستثمار ما يناهز 2588 ملفا خلال سنة 2020 مسجلا ارتفاعا بنسبة 51 بالمائة مقارنة مع سنة 2019. فيما ارتفع عدد ملفات الاستثمار التي تمت المصادقة عليها خلال سنة 2020 والتي بلغ عددها 1499 ملفا بنسبة 24 بالمائة مقارنة مع سنة 2019.
ويعود هذا الارتفاع الذي تم تسجيله رغم التأثير السلبي والإكراهات الناجمة عن تفشي جائحة كوفيد19-، إلى إجراءات التبسيط والمواكبة المعتمدة لفائدة المستثمرين في مرحلة إعداد وتقديم ومعالجة ملفاتهم وكذا إلى تزايد وتيرة الاجتماعات التي تم عقدها من قبل اللجن الجهوية الموحدة للاستثمار، حيث عقدت هذه اللجان 705 اجتماعا خلال سنة 2020، بزيادة بحوالي 141% مقارنة مع سنة 2019.
كما تؤكد جل المؤشرات المتعلقة بسنة 2020 نجاعة إصلاح هذه المراكز التي ساهمت في إحداث أكثر من 20 ألف مقاولة جديدة، وتقديم الخدمات لأكثر من 18 ألف مقاولة صغيرة ومتوسطة وصغيرة جدا، ومواكبة أكثر من 4 آلاف مستثمر، والمصادقة على ما يقارب 1500 مشروع استثماري بغلاف مالي إجمالي بحوالي 151 مليار درهم، من المرتقب أن توفر حوالي 153 ألف منصب شغل مقابل حوالي 94 ألف منصب سنة 2019.
كما تظهر المؤشرات أن الأجل المتوسط لدراسة الملفات الاستثمارية المكتملة واتخاذ القرار بخصوصها من لدن اللجنة الجهوية الموحدة للاستثمار، لم يعد يتجاوز 20 يوما، في الوقت الذي كان يصل إلى 120 يوما سنة 2019.
4. تحقيق مستوى مرتفع من الاستثمارات
تعززت جاذبية المغرب بفضل الإصلاحات التي اتخذت لتحسين مناخ الأعمال، وكذا من خلال تنزيل إصلاح منظومة تدبير وتحفيز الاستثمار على المستوى الجهوي، ، الذي دخل حيز التنفيذ منذ نهاية سنة 2019. كما وصل مستوى الاستثمار الوطني إلى ما يقارب 34% من الناتج الداخلي الخام، والذي يظل مجهودا يتجاوز بكثير المتوسط العالمي.
وفي إطار لجنة الاستثمارات التي يرأس أشغالها رئيس الحكومة، تمت الموافقة خلال الفترة الممتدة بين 2015 و 2019 على استثمارات استراتيجية مهمة في قطاعات الصناعة والطاقة والصناعة الغذائية والسياحة، حيث تم التوقيع على 114 اتفاقية استثمار بقيمة إجمالية تقدر بنحو 334 مليار درهم، والتي ستساهم في إحداث 39.305 فرصة عمل مباشرة وبلغت نسبة إنجاز هذه الاتفاقيات 43% في فبراير 2021.
ورغم الظرفية الناتجة عن جائحة كوفيد19-، تم توقيع اتفاقيات جديدة سنة 2020 وبداية سنة 2021، قاربت قيمتها 34,68 مليار درهم ستساهم في إحداث حوالي 18.000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
كما استقر معدل التدفقات السنوية من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في حدود 22,6 مليار درهم خلال الفترة 2017-2020 مقابل نفس المعدل خلال الفترة 2007-2016، إذ بلغت التدفقات حوالي 15,4 مليار درهم خلال سنة 2019 و15,5 مليار درهم خلال سنة 2020، وهو ما يبرز ثقة المستثمرين في قدرة المغرب على الصمود رغم ظرفية الجائحة.
5. ارتفاع وتيرة إحداث المقاولات
تمّ في هذا الصدد بذل عدة جهود لتسهيل إنشاء المقاولات بالمغرب. ويحتل المغرب المرتبة 43 في العالم من بين 190 بلدا في المؤشر الفرعي لإنشاء المقاولات في تصنيف ممارسة أنشطة الأعمال الصادر سنة 2020، بنتيجة 93/100 (متوسط منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: 84/100، فرنسا: 93.1/100، إسبانيا: 86.9/100). وهكذا، فإن متوسط المدة اللازمة لإنشاء مقاولة بالمغرب يناهز 9 أيام مقارنة بـ 20 يومًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في هذا السياق، سجل المغرب ارتفاعاً مستمراً في عدد المقاولات التي تم إنشاؤها، حيث بلغ متوسط النمو السنوي 8% ما بين 2017 و2019.
6. تباطؤ مستمر في معدل إفلاس المقاولات
في ضوء الإصلاحات التي تم وضعها وعلى الرغم من جائحة كوفيد19-، عرف المغرب تباطؤًا مستمرًا في معدل إفلاس المقاولات. حيث تم تسجيل خلال سنة 2018، 7941 مقاولة في حالة إفلاس بالمغرب، ثم 8439 سنة 2019 وأخيراً 6612 سنة 2020 بانخفاض كبير بنسبة 22%.
ويدل هذا على مرونة نسبية للنسيج الاقتصادي المغربي في مواجهة تداعيات وباء كوفيد19-، وذلك بفضل الآليات التي تم اعتمادها لدعم المقاولات خاصةً أثناء فترة الحجر الصحي.
هذا، وقد قامت الحكومة بإصلاحات مهمة لتسهيل معالجة صعوبات المقاولات. حيث تمّ إصلاح الكتاب الخامس من مدونة التجارة، من خلال اعتماد القانون 17-73 بعد نشره بالجريدة الرسمية في 23 أبريل 2018. وقد مكّن هذا القانون من الرصد المبكر للصعوبات التي تعترض نشاط المقاولة إضافةً إلى تمكين الشركات التي تواجه صعوبات مالية واقتصادية واجتماعية من أدوات للتعامل معها وإعادة الاندماج في محيطها الاقتصادي، ولا سيما من خلال تعديل العديد من الإجراءات التنظيمية والمسطرية.
7. تقليص ملحوظ لآجال الأداء
قامت الحكومة بعدة إصلاحات قانونية وتنظيمية في هذا المجال، كما تمّ إحداث مرصد آجال الأداء وفق حكامة تجمع القطاعين العام والخاص وتُشكل هذه الآلية فضاء للتشاور من أجل إيجاد حلول دائمة وملائمة. كما تمّ تنظيم عدة لقاءات جهوية في هذا الصدد بهدف التحسيس وتعميق الحوار بخصوص هذه الإشكالية، مع إحداث لجن محلية لتتبع آجال أداء الجماعات الترابية.
هذا، إضافة إلى استعمال التكنولوجيا الرقمية (الإيداع الإلكتروني للفواتير) ووضع منصات الكترونية لتتبع تطور هذه الآجال ونشرها بشكل دوري في إطار تعزيز الشفافية.
وقد تحسنت بشكل ملحوظ آجال أداء المؤسسات والمقاولات العمومية وكذا الإدارات العمومية والجماعات الترابية. وبلغ متوسط آجال الأداء المقاولات والمؤسسات العمومية 39,9 يومًا في دجنبر 2020 بعدما كان يصل إلى 77 يومًا في سنة 2017.
أما على صعيد الصفقات العمومية والجماعات الترابية، فقد بلغ متوسط آجال الأداء 37 يوماً سنة 2019، مقابل 144 يومًا خلال سنة 2016.
8. تقدم مطرد في تصنيف المغرب في المؤشر الدولي لمناخ الاعمال
لقد أسهمت كل هذه الإصلاحات، وكذا نتائجها على أرض الواقع، من تحسين تصنيف المغرب في تقرير البنك الدولي «لممارسة الأعمال»، حيث انتقل من المركز 60 سنة 2019 إلى المركز 53 سنة 2020، أي بإحراز تقدم ب 7 مراكز في سنة واحدة، ب 22 مرتبة مقارنة مع 2017. وبهذا، فإن الحكومة تقترب من تحقيق هدف بلوغ المرتبة 50 في هذا الترتيب سنة 2021، ودخول دائرة الاقتصاديات الخمسين الأوائل، كما هو محدد في البرنامج الحكومي.
وقد مكن هذا الترتيب العالمي أيضا من تبوؤ المغرب للمرتبة الثالثة في إفريقيا وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
هذا وقد تمكّن المغرب من احتلال مراتب جد متقدمة في مجموعة من المؤشرات المتعلقة بمناخ الأعمال خاصة ما يرتبط بمنح تراخيص البناء (المرتبة 16 عالميا) وأداء الضرائب (المرتبة 24) والربط بشبكة الكهرباء (المرتبة 34) وحماية المستثمرين الأقلية (المرتبة 37).