النهوض بالتشغيل

emploi.png
Body

وضعت الحكومة التشغيل في صميم أولوياتها وجعلت له مكانة أساسية في اهتماماتها لما له من أهمية في ضمان كرامة المواطن واستقراره النفسي والاجتماعي، ودعم التنمية الاقتصادية.
ولقد بذلت جميع القطاعات المعنية جهودا مقدّرة مكنت من تحقيق نتائج مشرفة وواعدة خلال الولاية الحكومية الحالية، وهي المجهودات التي حرصت الحكومة على تثمينها وترصيدها لتواكب ورش التشغيل بالفعالية اللازمة.
وإيمانا منها بالدور الرئيسي للتشغيل، اعتمدت الحكومة، ولأول مرة في تاريخ بلادنا، الاستراتيجية الوطنية للتشغيل وكذا المخطط الوطني للنهوض بالتشغيل 2017 -2021، الذي وضعته بطريقة تشاركية من خلال التعاقد مع جهات المملكة ومع القطاع الخاص لتسهيل تنفيذه.
كما أطلقت الحكومة برامج مندمجة ومتكاملة لضمان ملاءمة أكبر لمنظومة التربية والتكوين مع سوق الشغل، ولتوفير التأهيل والمواكبة للباحثين عن الشغل، وإطلاق مبادرات لإحداث فرص الشغل، وتطوير البرامج النشيطة للتشغيل، ودعم المقاولات المشغلة، وتقوية حماية الشغيلة.
ومن أجل تأهيل أفضل لخريجي منظومة التربية والتكوين والتعليم العالي لولوج سوق الشغل، تم اتخاذ عدد من الإجراءات منها إحداث الباكالوريا المهنية، وتطوير المهننة في التعليم العالي، وإطلاق إصلاح النظام البيداغوجي بالجامعات أسفر عن تبني نظام الباشلور، وتحديث عرض التكوين المهني من خلال توفير حوالي140 شعبة جديدة سنة 2020-2021، كما تم البدء الفعلي، وفقا للتعليمات الملكية السامية، في إحداث مدن المهن والكفاءات.
لقد مكنت السياسات الحكومية ذات الصلة بمجال التشغيل بلادَنا من تحقيق تطور إيجابي واضح ما بين 2017 و2019، والتخفيف من آثار الجائحة على سوق الشغل سنة 2020، كما بدأت تظهر بعض البوادر المشجعة للإقلاع الاقتصادي في بعض القطاعات مع مطلع عام 2021، وبمواصلة الحكومة لجهودها، وفي تعاون مع شركائها، يُتَوَقَّعُ الحفاظ على مناصب الشغل الحالية، وإحداث فرص جديدة للتشغيل، لاسيما لفائدة الشباب وحاملي الشهادات.


1. مخطط النهوض بالتشغيل

يهدف هذا المخطط إلى النهوض بالتشغيل، وتعزيز بعده الجهوي، وتوسيع وتنويع برامج التشغيل، بما فيها تلك الموجهة لحاملي الشهادات والشباب، والساكنة القروية، والنساء في وضعية هشة، والأشخاص في وضعية إعاقة.
ولقد مكن المخطط من تحديد معالم العمل الحكومي خلال الفترة ما بين 2017 و2021 في مجال النهوض بالتشغيل، حيث تم اعتماد البرنامج التنفيذي للمخطط «ممكن» وتفعيل لأول مرة اللجنة الوزارية للتشغيل كآلية لتتبع وتنسيق تنزيل المخطط الوطني للتشغيل.
وتم الشروع في وضع وتفعيل برامج جهوية للتشغيل من منطلق ضرورة التعاقد مع الجهات من جهة ومع القطاع الخاص من جهة ثانية لبلوغ أهداف المخطط الوطني المذكور.
كما أطلقت الحكومة برامج مندمجة ومتكاملة لضمان ملاءمة أكبر بين التكوين والتشغيل، وتوفير التأهيل والمواكبة للباحثين عن الشغل، وأيضا مبادرات لإحداث فرص الشغل، وتطوير البرامج النشيطة للتشغيل، ودعم المقاولات المشغلة، وتقوية حماية الشغيلة.
وتجلت ديناميكية الحكومة في مجال التشغيل في إطار الاستراتيجيات القطاعية والتدابير الطموحة التي أخذتها بعين الاعتبار لاسيما إبان الإعداد لمشاريع قوانين المالية في أفق النهوض بالتشغيل وتعزيز الإجراءات والمحافظة عليها خلال سنتي 2020 و2021 رغم سياق تداعيات جائحة كورونا «كوفيد19-». ومن أهم نتائج تنزيل المخطط إلى متم 2020:

  • دعم إحداث حوالي 660.000 منصب شغل (2017-2019)؛
  • تحسين قابلية تشغيل أزيد من 770.000 باحث عن شغل إلى متم 2020؛
  • إدماج أزيد من 406.000 باحث عن شغل إلى متم 2020؛
  • مواكبة إحداث حوالي 13.000 مقاولة إلى متم 2020؛
  • تطوير وتيرة إنجاز البرامج النشيطة للتشغيل (+10%)؛
  • تطوير وتيرة إنجاز البرامج النشيطة للتشغيل (+10%).


2. مواصلة دعم البرامج النشيطة للتشغيل

لقد حققت الحكومة تحسنا مقدرا في نتائج البرامج الثلاثة (إدماج، وتأهيل، وتحفيز)، الموجهة لتعزيز التشغيل لفائدة الشباب وحاملي الشهادات، بتجاوز سقف 100 ألف إدماج سنويا، حيث انتقل عدد المستفيدين من 107 ألف سنة 2017 إلى حوالي 127 ألف سنة 2018، وأكثر من 145 ألف سنة 2019.
 
فقد ساهمت البرامج النشيطة للتشغيل في تحقيق نتائج مهمة في مجال التخفيف من حدة البطالة، من خلال:

  • مواكبة تشغيل 300.650 باحث عن شغل عبر برنامج «إدماج» خلال فترة 2017-2019؛
  • مواكبة تشغيل 18.899 باحث عن شغل عبر برنامج «تحفيز» خلال فترة 2017-2019؛
  • تحسين قابلية التشغيل لفائدة 60.962 باحث عن شغل من خلال برنامج «تأهيل» خلال نفس الفترة.
  • وقد شهدت موارد صندوق تحفيز التشغيل نسبة نمو سنوية تقدر ب 20,74 % خلال نفس الفترة، حيث انتقلت نفقات الصندوق من حوالي 283 مليون درهم سنة 2017 إلى حوالي 413 مليون درهم خلال سنة 2019.
  • وللنهوض بالتشغيل وتنافسية المقاولات وضمان إدماج القطاع غير المهيكل، طورت الحكومة، سنة 2018، نظام «تحفيز» لدعم التشغيل، باتخاذ التدابير التالية:
  • تطوير نظام «تحفيز» لدعم التشغيل من خلال رفع عدد الأجراء الذين تتحمل الدولة الالتزامات الضريبية والاجتماعية المتعلقة بهم إلى 10 أجراء عِوَض 5 في النظام السابق، لفائدة المقاولات والجمعيات والتعاونيات حديثة النشأة، في حدود أجر 10000 درهم شهريا عوض 6000؛
  • الإعفاء من الضريبة على الدخل بالنسبة للتعويضات المدفوعة من طرف المقاولات إلى الدكاترة الباحثين، في حدود 6000 درهم شهريا لمدة 24 شهرا؛
  • إلغاء شرط التسجيل لمدة 6 أشهر في الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات للاستفادة من إعفاءات التحملات الاجتماعية والضريبية في عقود التدريب.

ومن أجل إنعاش سوق الشغل وتشجيع الشركات على توظيف الشباب العاطلين عن العمل، تم توسيع آخر لنفس النظام، حيث نص قانون المالية برسم 2021 على الإعفاء من الضريبة على الدخل رواتب العمال الأجراء لمدة 36 شهرًا، للشباب الذين لا تتجاوز أعمارهم 35 سنة، والذين تم توظيفهم لأول مرة بعقد غير محدد الأجل، وذلك في جميع المقاولات بغض النظر عن تاريخ إنشائها.
 
3. جهد كبير في التشغيل العمومي

بلغ معدل مناصب الشغل المحدثة بالإدارات العمومية سنوياً 42.466 منصب مالي ما بين 2017 و2021، مقارنة بـ 20.646 منصب ما بين 2007 و2016 بفضل جهود غير مسبوقة في التوظيف في القطاع العمومي خلال الفترة الممتدة من2017 إلى 2021، مما يمكن من تحسين الخدمات العمومية وتعزيز إحداث فرص الشغل بشكل عام.
 
من جهة أخرى فقد انتقلت نسبة عدد المناصب المحذوفة والإحالات على التقاعد مقارنة مع المناصب المحدثة من 57% ما بين 2008 و2016، إلى 46% ما بين 2017 و2020. وهو ما يعكس تقليص الفجوة بشكل ملحوظ بين إحداث المناصب السنوية في القطاع العام وبين حذف المناصب والإحالات على التقاعد.
 
4. تطور التشغيل بالقطاع الصناعي

بذل المغرب جهودا كبيرة لتعزيز القطاع الصناعي، رغم تراجع عدد الوظائف في القطاع الصناعي منذ سنة 2008، إلا أن هذا العدد بدأ يرتفع منذ 2014، في إشارة إلى دينامية جيدة تم إطلاقها من خلال مخطط التسريع الصناعي، التي مكنت من بلوغ قرابة 1,14 مليون منصب شغل في 2019.
وعلى الرغم من تداعيات أزمة كوفيد19-، تمت استعادة 96% من مناصب الشغل في القطاع الصناعي بنهاية شهر أكتوبر 2020. كما عرفت الصادرات الصناعية زيادة بنسبة 6,1% في أكتوبر 2020 مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2019.

5. تفعيل نظام المقاول الذاتي

أحدثت الحكومة سنة 2015 نظام المقاول الذاتي لتمكين المواطنين من ممارسة أنشطتهم المقاولاتية بشكل مهيكل، عن طريق نظام تحفيزي ضريبي مبسط(نسبة الضريبة على الدخل تتراوح ما بين 1,5% و 2%)، مع تحديد هدف بلوغ 100.000 مقاول ذاتي في السجل الوطني في أفق 2021.
وقد استقطب هذا النظام الجديد أكثر من 307.937 مواطن ومواطنة إلى متم مارس 2021، وهو ما يتجاوز بكثير الهدف الذي سطره البرنامج الحكومي، ويتوقع أن يجذب المزيد من المواطنين مع بدء تنفيذ الحماية الاجتماعية لصالح هذه الفئة، في إطار مقتضيات قانون المالية لسنة 2021، كما تم فتح المجال أمام هذه الفئة للاستفادة من الطلبيات العمومية.
 

6. تحسين ظروف الشغل والتعويض عن فقدانه

لدعم حماية الشغيلة، انكبت الحكومة على تطوير منظومة الصحة والسلامة في عالم الشغل، وكذا الرفع من قدرات وأداء آلية مفتشي الشغل. وقد عملت الحكومة على تعزيز مفتشية الشغل ب 182 مفتشا جديدا خلال 2021، وهي زيادة غير مسبوقة في تاريخ هذه الهيئة، علما انها كانت تضم فقط 320 مفتشا.
كما عززت الحكومة نظام التعويض عن فقدان الشغل وتبسيط إجراءات الاستفادة منه، مع تسجيل حوالي 74 ألف مستفيد من هذا النظام خلال الفترة 2016-2020، بتكلفة مالية تجاوزت 977 مليون درهم.

7. جودة التشغيل في تحسن مستمر

يشهد المغرب تحسناً في جودة التشغيل، إذ تميزت السنوات الأخيرة بزيادة كبيرة في معدل الشغل المؤدى عنه، فضلاً عن انخفاض غير مسبوق في معدل «الشغل الناقص» الذي يبرز المظاهر الأساسية لسوء استخدام اليد العاملة، الذي وصل إلى أدنى معدل سنة 2019، أي 9,2%.
وعرف معدل الشغل المؤدى عنه تطوراً مستمراً ومهماً منذ سنة 2007، حيث انتقل من 73,9% سنة 2007 إلى 85,8% سنة 2020، وهو أعلى معدل تم تسجيله على الإطلاق في المغرب منذ أكثر من 20 سنة، الذي يمكن تفسيره بأن الجائحة كانت لها تأثيرات على القطاع غير المهيكل بشكل أساسي.
 

8. تحسن وتيرة إحداث المناصب الصافية للشغل

تحسنت وتيرة إحداث المناصب الصافية للشغل بشكل ملحوظ قبل أزمة كوفيد19-. حيث تم خلال السنوات الثلاث الأولى من الولاية الحكومية الحالية، إحداث أكثر من 121.000 منصب صافي سنويًا في المتوسط، وهو تطور ملحوظ مقارنة مع ما تحقق خلال الحكومتين السابقتين.
كما تم تسجيل عدد استثنائي من مناصب الشغل المحدثة المؤدى عنها، والذي بلغ 243.000 منصب سنة 2019، وهو رقم قياسي لم يسجل منذ سنة 2008.
ولعل هذه الدينامية وهذا التطور الإيجابي من العوامل التي عززت القدرة على الصمود في وجه تداعيات الجائحة، التي أدت سنة 2020 إلى فقدان 432.000 فرصة عمل.


9. انخفاض معدل البطالة وتقليص آثار الجائحة

لقد شهد منحنى البطالة ما بين 2017 و2019 انعكاس إيجابيا، أسفر عن تراجع نسبتها بنقطة واحدة خلال هذه الفترة، إذ بلغت نسبة البطالة 9,2 %سنة 2019، مع تحقيق أدنى معدل للبطالة بالعالم الحضري منذ 20 سنة تقريبا، مما يدل على تحسن واضح لدينامية سوق الشغل قبل أزمة كوفيد19-.
وقد ساهمت هذه الدينامية، إلى جانب الجهد الحكومي للحفاظ على التشغيل إبان فترة الأزمة الصحية، في التخفيف من حدة تداعيات الأزمة على سوق الشغل. إذ على الرغم من تداعيات جائحة كوفيد19- السلبية جدا على سوق الشغل سنة 2020، فإن الحكومة واجهت هذا الوضع باعتماد آليات وتدابير اقتصادية واجتماعية استثنائية، جنَّبَتْ عددا من المقاولات الإفلاس ومَكَّنَتْها من الحفاظ على جزء كبير من أُجَرائها، مما حال دون تسجيل ارتفاع كبير في نسبة البطالة، كما حصل بعدد من البلدان المجاورة، إذ تم احتواء نسبة البطالة في 11,9% عوض أكثر من 14% حسب عدد من التوقعات، لو لم يتم اتخاذ الآليات والتدابير السالف ذكرها.
 
وبفضل هذه الجهود الجماعية، فقد كانت نسبة البطالة في بلادنا من أدنى النسب في منطقة المغرب العربي والبحر الأبيض المتوسط.
 

10. الجهود الموجهة لسوق الشغل خلال الجائحة

على غرار باقي اقتصاديات باقي دول العالم، خلفت جائحة كورونا «كوفيد19-» آثارا كبيرة على الاقتصاد الوطني، وتأثر سوق الشغل خصوصا بالنسبة للقطاع الخاص والقطاع غير المهيكل، مما طرح عدة تحديات اجتماعية بالأساس، عملت الحكومة على معالجتها باعتماد آليات وتدابير خاصة، من أهمها:

  • تنفيذ الشطر الثاني للزيادة في الحد الأدنى القانوني للأجر؛
  • تخصيص تعويض شهري قدره 2.000 درهم للعاملين بالمقاولات في وضعية صعبة، والاستفادة من استرجاع مصاريف التأمين الإجباري عن المرض ومن التعويضات العائلية؛
  • تعزيز المراقبة في أماكن العمل للتأكد من احترام التدابير الاحترازية؛
  • تأجيل أداء الاشتراكات الاجتماعية المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؛
  • إعفاء تعويض الإعانة لفائدة العاملين في حدود 50% من الراتب الشهري الصافي المتوسط من وعاء الاشتراك؛
  • إعفاء المشغلين في وضعية صعبة من الزيادات عن التأخير في أداء واجبات الاشتراك والغرامات وصوائر المتابعات المتعلقة بالديون المتعلقة بيونيو 2020 وما قبلها؛
  • توقيع عقود برامج لدعم القطاعات الأكثر تضررا من الجائحة.

والجذير بالذكر أن سنة 2020 عرفت فقدان حوالي 432.000 فرصة عمل، إلا أن الآليات والتدابير الواردة أعلاه خففت من تأثير جائحة كوفيد19-  على التشغيل. إذ تمكنت بلادنا من الحفاظ على حوالي 71% من مناصب الشغل التي كانت مهددة بالفقدان خلال فترة الحجر الصحي. و تبرز مؤشرات سوق الشغل لثلاثة أشهر الاولى من 2021 أن الانعكاسات السلبية على التشغيل في تراجع  تدريجي.
ومع مرور ما يزيد عن سنة من هذه الجائحة، تظل بلادنا يقظة ومصرة على أن تخرج من هذه الأزمة الصحية بأقل الخسائر خصوصا فيما يتعلق بالتشغيل، باعتباره رافعة أساسية للتنمية والرقي وتحقيق كرامة المواطنين.
 


رئيس الحكومة، المشور السعيد، الرباط، المغرب
جميع الحقوق محفوظة - رئيس الحكومة 2019