تعبئة بيئية لصالح التنمية المستدامة
تماشياً مع التزاماته الدولية في إطار قمم الأرض المنعقدة في ريو دي جانيرو (1992) وجوهانسبورغ (2002) والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وضع المغرب الأسس اللازمة لتحقيق التنمية المستدامة من خلال عدة إصلاحات في المجالات السياسية والمؤسساتية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
وقد تعزز هذا المسار باعتماد الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي تم إعداده تنفيذاً للتوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، في خطابه بمناسبة عيد العرش بتاريخ 30 يوليوز 2009.
وتم تفعيل الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة من خلال دمج مبادئ التنمية المستدامة في الاستراتيجيات القطاعية، وتنزيل استراتيجية تطوير البيئة (MANE) والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (INDH)، وكذلك إطلاق مسلسل إعداد القانون الإطار بشأن الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، وإعداد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، التي صادق عليها عليها المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 25 يونيو 2017.
1. تنزيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة
حرصت الحكومة على تسريع اعتماد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة (SNDD) التي تهدف إلى تحديد التوجهات الكبرى والإطار الاستراتيجي للتحسين المستمر في إطار نظرة شمولية تأخذ بعين الاعتبار الاستراتيجيات القطاعية، كما تمكن من تنزيل إطار تنظيمي جديد ومواصلة التأهيل البيئي. بعد اعتماده، تبنت الحكومة نظامًا خاصاً للحكامة عبر لجنة استراتيجية للتتبع يترأسها رئيس الحكومة. ومن جهة أخرى، ومن أجل تنزيل محاورها الاستراتيجية الـ 31، تم وضع 21 خطة عمل من قبل القطاعات الوزارية المعنية. لقد أتاح تنزيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة إعادة إطلاق العديد من المشاريع الرئيسية المرتبطة بالتنمية المستدامة، مثل تفعيل مضامين ميثاق الإدارة النموذجية والنقل المستدام.
2. وضع إطار ملائم لتنزيل أهداف التنمية المستدامة
يعتبر المغرب أهداف التنمية المستدامة بمثابة إطار عالمي للتنمية يتداخل مع المشروع المجتمعي الذي يطمح إليه المغاربة والذي حدد معالمه ومبادئه جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وتتمحور المنهجية التي اعتمدها المغرب لتنفيذ هذا البرنامج حول مقاربات مهيكلة ترتكز على تعزيز حقوق الإنسان، والانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، والجهوية المتقدمة، والتماسك الاجتماعي والترابي، والمشاركة المواطنة وتطوير الشراكات الاستراتيجية، لا سيما مع بلدان الجنوب. وضمانا للالتقائية، تبنت الحكومة مقاربة مندمجة للتتبع المشترك لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة والاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، مع الحرص على اعتماد التعديلات التنظيمية اللازمة.
ويشير الاستعراض الوطني الطوعي للمغرب حول تنفيذ أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر إلى إحراز تقدم كبير في مجالات رئيسية مثل التعليم والطاقة المتجددة وتغير المناخ.
لقد اقترب المغرب، سنة 2018، من تحقيق الأهداف المتعلقة بوفيات الأمهات والأطفال، حيث بلغت نسبة وفيات الأطفال دون سن الخامسة 22,16 وفاة لكل 1.000 ولادة حية، ونسبة وفيات الأطفال حديثي الولادة 13,56 وفاة لكل 1.000 ولادة حية. وبالموازاة مع بلوغ نسبة التغطية الصحية ما يقرب من 69٪ سنة 2019.
كما تم القضاء على «المجاعة» سنة 2014، وانخفض معدل الفقر إلى 2,9٪ سنة 2018. وتحسنت تغذية الأطفال دون سن الخامسة ما أدى إلى تقليل الهزال إلى 2,6٪ سنة 2018.
وفي 2019، تم تعميم الوصول إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية في المجال الحضري واقترب تعميمها في المجال القروي، حيث بلغت النسب 97,4٪ بالنسبة للماء الشروب، و99,6٪ بالنسبة للكهرباء، و91٪ بالنسبة للتطهير.
كما تحسنت ظروف السكن حيث انخفضت نسبة المساكن الحضرية غير الصحية من 8,4٪ سنة 2004 إلى 3,6٪ سنة 2018. بالإضافة إلى ذلك، بذلت جهود كبيرة في مجال فك العزلة عن العالم القروي، بفضل برامج بناء شبكة الطرق القروية، التي أدت إلى ارتفاع نسبة فك العزلة سنة 2017 إلى 79,3٪ مقابل 54٪ سنة 2005.
3. المغرب، رائداً في مجال الطاقات المتجددة على المستوى الإفريقي
اعتمد المغرب منذ سنة 2009، وفقاً للتوجهات الملكية السامية، استراتيجية طاقية حدد لها كأهداف، زيادة الطاقات المتجددة، وتعزيز النجاعة الطاقية والإدماج الجهوي. وقد تم تنزيل هذه الاستراتيجية عبر خطط ذات أهداف قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، مصحوبة برؤية واضحة للإصلاحات والتنظيمية والمؤسساتية اللازمة.
كما تم إطلاق برامج مندمجة تستهدف تصنيع 6.000 ميغاواط من مصادر الطاقة المتجددة: 2.000 ميغاواط من الطاقة الريحية، و2.000 ميغاواط من الطاقة الشمسية، و2.000 ميغاواط من الطاقة الكهرومائية.
ويسلط تقييم تنفيذ المرحلة الأولى من الاستراتيجية الضوء على نتائج مشجعة للغاية. وهكذا، حدد المغرب لنفسه في دجنبر 2015 هدفًا جديدًا لتسريع التحول الطاقي من خلال رفع حصة الطاقات المتجددة إلى 52% من القدرة الطاقية بحلول سنة 2030، عوض 42 ٪ المبرمجة سابقاً إلى غاية سنة 2020.
وتصل هذه النسبة حاليا إلى 37٪، مع وجود مشاريع كبيرة قيد الإنجاز، كالمشاريع الشمسية «نور 3» بورززات أو «نور ميدلت»، اللذان يدفعان بالمغرب نحو مستقبل الطاقات المتجددة.
4. تسريع تفعيل المخططات الوطنية للنفايات الصلبة والصناعية والرفع من نسبة الجمع إلى 90 في المائة
تشير الإحصاءات إلى أن نسبة الجمع ارتفعت من 44% سنة 2008، لتبلغ 85% سنة 2019 و 96% سنة 2021 ، أي بسنة قبل الموعد المحدد لبلوغ هذه النسبة. ومن جهة أخرى، أصبحت 62,63% من النفايات المنزلية المنتجة معالجة في مراكز الطمر مقابل 10% قبل 2008.
5. تسريع تفعيل المخططات الوطنية للتطهير الصلب والسائل، ومعالجة المياه العادمة
يروم البرنامج الوطني للتطهير السائل معالجة المياه العادمة وإعادة تأهيل وتوسيع الشبكة وربط وتعزيز شبكة صرف مياه الأمطار وإنشاء محطات المعالجة لتزويد 330 مدينة ومركزًا حضريًا بمجموع يفوق 10 ملايين من الساكنة المعنية. ومكن البرنامج من رفع نسبة معالجة مياه الصرف الصحي إلى 53٪ سنة 2020، بالإضافة إلى استمرار بناء 79 مصنعاً لمعالجة 110 مليون متر مكعب سنوياً.