كلمة السيد رئيس الحكومة عزيز أخنوش في المنتدى الاقتصادي المغربي- الإسباني

01-02-2023-cg-1.jpeg

فخامة السيد رئيس الحكومة،
السيدات والسادة الوزراء،
السيدات والسادة السفراء،
السيد رئيس الاتحاد الإسباني لمنظمات الأعمال،
السيد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب،
حضرات السيدات والسادة،

أتشرف بحضوري معكم اليوم بمناسبة اختتام أشغال المنتدى الاقتصادي المغربي- الإسباني، الذي ينعقد على هامش القمة رفيعة المستوى بين البلدين.
فهو مناسبة لتعزيز ودعم الشراكات الاقتصادية بين المقاولات المغربية والإسبانية، وكذا تسريع وتيرة الاستثمار المشترك في القطاعات ذات الأولوية، في ظل الدينامية السياسية التي تشهدها العلاقات بين بلدينا الجارين والصديقين، واستنادا للمرجعية التاريخية والروابط الاستراتيجية التي تجمع بينهما.
إذ لا يخفى عليكم أن العاصمة الاقتصادية لبلدنا، الدار البيضاء - "Casablanca"، تحمل إسما إسبانيا، وأن العاصمة الإدارية لإسبانيا، مدريد، تحمل إسما عربيا. كما أن 900 ألف مغربي ومغربية يعيشون اليوم بإسبانيا، ومضيق جبل طارق الذي يفصل بيننا لا يتعدى طوله 14 كيلومتر.
وإن العلاقات التي تجمع بلدينا عميقة ووثيقة، كما أن المبادلات بيننا غنية وتتجدد باستمرار. وإن كانت هذه العلاقات قد عانت، في بعض الفترات، من سوء الفهم، فقد كنا دائما نجد السبل الكفيلة بتجاوز ذلك، حيث أدركنا، وعلى مر التاريخ، أننا نكون أكثر قوة، مَتَى كُنَّا مُجْتَمِعِين.

السيد رئيس الحكومة،

إن هذا الاجتماع رفيع المستوى يشكل فرصة للوقوف على متانة العلاقات التي تجمع بين بلدينا في ضوء الرؤية السديدة لعاهلي البلدين، جلالة الملك محمد السادس وجلالة الملك فيليب السادس.
وفي هذا الإطار، تعرف علاقاتنا الثنائية عهدا جديدا، في ظل دعم حكومتكم لخطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، حيث كانت لإسبانيا شجاعة الواقعية التاريخية وهو الأمر الذي لا يسعنا إلا أن نشيد بها عاليا، دولة وشعبا.
إن العالم يعيش منذ سنوات ظرفية صعبة زاد من حدتها جائحة كوفيد-19، وعودة الحرب إلى أوروبا، فضلا عن تزايد ظاهرة الاحتباس الحراري التي تؤثر علينا جميعا. ولعل أفضل جواب على هذه الظرفية الصعبة هو أن نعمل سويا ويدا في يد، لنبني معا مستقبلا أفضل.

حضرات السيدات والسادة،

إن العلاقات التي تجمع بين المغرب وإسبانيا تعد مثالية على جملة من المستويات.
فمن جهة، يحق لنا أن نفخر بتعاوننا الأمني وفي مجال محاربة الإرهاب. ففي بداية شهر يناير من السنة الجارية، قامت قواتنا الخاصة من الجانبين بتفكيك خلية إرهابية بالمغرب وإسبانيا. وقد أدان المغرب بشدة الهجوم الإرهابي على كنيستين بالخزيرات، وبالمناسبة، اسمحوا لي أن أعبر لكم عن أصدق مشاعر التضامن والمواساة إزاء ضحايا هذا الحادث وعائلاتهم.
وفي هذا الصدد، يبذل المغرب جهدا كبيرا في ضبط تدفق اللاجئين، وذلك في احترام تام للقيم الإنسانية. وللإشارة فقط، ففي سنة 2021، أسفرت المجهودات المبذولة عن منع 63,000 محاولة للهجرة غير الشرعية، كما مكنت من تفكيك 250 شبكة لتهريب المهاجرين.
وعلى المستوى الطاقي، مكن أنبوب الغاز المغاربي-الأوربي على مدى 25 سنة من تزويد إسبانيا بالغاز مرورا بالمغرب. وبالنظر إلى المعطيات الجيوسياسية الحالية، فقد أظهر بلدينا حسا عاليا من التعاون والمرونة من خلال الإبقاء على هذا الخط وعكس تدفق الأنبوب من أجل تزويد المغرب بالغاز الطبيعي المسال عبر إسبانبا.

حضرات السيدات والسادة،

إن متانة العلاقات بين بلدينا تستند إلى الدينامية الإيجابية التي تعرفها مبادلاتنا التجارية.
فإسبانيا اليوم هي أول شريك تجاري للمغرب على مستوى الصادرات والواردات معا. والمغرب هو ثالث شريك تجاري لإسبانيا من خارج الاتحاد الأوروبي بعد الصين والولايات المتحدة الأمريكية، وأول وجهة للصادرات الإسبانية في إفريقيا والعالم العربي.
والأهم من ذلك، أن هذه الدينامية في تصاعد مستمر. فقد بلغت قيمة مبادلاتنا التجارية 17 مليار أورو سنة 2021، فيما عرفت في التسعة أشهر الأولى  من سنة 2022 ارتفاعا بنسبة 21%. وعلى مدى عقد من الزمن، ارتفعت قيمة مبادلاتنا التجارية بنسبة 8% سنويا كمعدل، وتشكل حاليا خمس المبادلات التجارية للمغرب مع باقي دول العالم.
هذا، وقد عرفت سنة 2019، كسنة مرجعية قبل أزمة كوفيد-19، إحداث حوالي 700 مقاولة ذات رأسمال إسباني بالمغرب. كما أن أكثر من 20,000 شركة إسبانية تصدر منتوجاتها وخدماتها نحو المغرب. وهو دليل آخر على أن طبيعة مبادلاتنا تزداد غنى وتنوعا.
كما أن حجم الاستثمارات الإسبانية بالمغرب في تزايد مستمر، وهو ما يظهر من خلال حجم الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يضع إسبانيا كثالث مستثمر أجنبي بالمغرب. وبهذا الخصوص، فإن هامش التطور يبقى مهما، سواء تعلق الأمر بالطاقة، بالمواصلات، بالسياحة أو بالصناعة، لا سيما في ضوء النظام التحفيزي الذي جاء به ميثاق الاستثمار الجديد.

حضرات السيدات والسادة،

ما من شك أن الشراكة الموثوقة، القوية، المرنة، الذكية ومتعددة الأبعاد هي التي تُتَرْجَمُ عَمَلِياً إلى تنمية اقتصادية.
هذا هو المعنى الذي نريد أن نعطيه لشراكتنا، كما يتطلع إلى ذلك جلالة الملك محمد السادس نصره الله، شراكة تتسم بالريادة وتكون في خدمة التنمية والسلم بمنطقتنا المتوسطية، بل ونموذجا للتفاهم والازدهار المشترك بين كافة الدول.
واسمحوا لي فخامة السيد رئيس الحكومة، أن أعبر لكم عن سعادتنا بحضوركم بيننا، وسعداء بالمكالمة الهاتفية التي أجراها معكم جلالة الملك نصره الله. وهو ما يفتح آفاقا كبيرة للعلاقات بين المملكتين، وتنوعا استراتيجيا جديدا سنرى ثماره في الشهور القادمة، للمضي بالعلاقات إلى الأمام، لما فيه خير للبلدين.    

شكرا لكم
 

النشرة الإخبارية