جواب رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش على أسئلة السيدات والسادة المستشارين المتعلقة بالسؤال المحوري: "حصيلة برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية ودوره في تنمية الوسط القروي والمناطق الجبلية"
المحور : |
حصيلة برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية ودوره في تنمية الوسط القروي والمناطق الجبلية
|
---|---|
تاريخ الجلسة : | |
الدورة : |
أكتوبر 2023
|
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد رئيس مجلس المستشارين المحترم؛
السيدات والسادة الوزراء المحترمون؛
السيدات والسادة المستشارون المحترمون؛
أود في مستهل هذه المناسبة الدستورية أن أتوجه بالشكر والتقدير للسيدات والسادة المستشارين المحترمين، لإثارتهم مناقشة "برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية"، بالنظر لما تطرحه مكونات هذا البرنامج من مداخل أساسية تهم بشكل مباشر تسريع وتيرة التأهيل الترابي والتماسك الاقتصادي والاجتماعي للمناطق القروية والجبلية ببلادنا.
وباعتبار هذا الموضوع واحدا من القضايا التي ظلت على الدوام تحظى بالعناية المولوية السامية، فإنني أرغب في التعبير عن التطلع القوي الذي يراودنا نحو استكمال التعاون المشترك بين الحكومة والبرلمان والمجالس الترابية وباقي المؤسسات المعنية في هذا المجال.
ولكونها مقاربة شمولية ومندمجة، فإن المنهجية المعتمدة في تنزيل البرنامج والنتائج المحققة، ساهمت في انبثاق مجالات قروية قادرة على الاستفادة بشكل منصف ومتكافئ من الفرص التنموية على غرار باقي مناطق المملكة، لاسيما فيما يتعلق بالولوج السلس إلى الخدمات العمومية ذات الأولوية.
حضرات السيدات والسادة،
اسمحوا لي أن أذكر أعضاء هذا المجلس الموقر، بأن الاهتمام بقضايا تنمية العالم القروي، نابع من الرهانات التنموية الكبرى التي يمثلها والتحديات التي يواجهها. ونتيجة لذلك فإن طموح تحقيق إقلاع سوسيو-اقتصادي مستدام لن يتحقق بدون إدراج العالم القروي في الدينامية الوطنية الشاملة.
وذلك بفعل ما يتمتع به المجال القروي والجبلي ببلادنا، من مؤهلات تنموية هائلة ومن خصائص طبيعية متميزة، فضلا عن طاقته الإنتاجية الواسعة التي توفر فرصا مهمة لتثمين الموارد ولخلق دينامية منتجة للقيمة المضافة ولفرص الشغل.
حيث يغطي المجال القروي ببلادنا أزيد من %90 من المساحة الإجمالية، وتبلغ نسبة ساكنته %40 مـن الهرم الديمغرافي الوطني، فضلا عن المساحة الصالحة للفلاحة التي يضمها والتي تناهز حوالـي 9 ملايين هكتار، كما يساهم ب %20 من الناتج المحلي الإجمالي.
وانسجاما مع التنظيم الترابي للمملكة، الذي يعترف بدور الجهة، باعتبارها مجالا ملائما للنهوض بتنمية العالم القروي، فإننا حريصون على بناء شراكة متجددة بين الدولة والمجالات الترابية لتوطيد البناء المشترك للسياسات العمومية وتيسير تنفيذها، علما أن العالم القروي يضم 85 % من الجماعات الترابية .
حيث أن الحكومة تدرك بشكل جدي ضرورة توطيد أسس الجهوية المتقدمة، كخيار دستوري وديمقراطي يمنح الجهة مكانة الصدارة بالنسبة للجماعات الترابية الأخرى في إعداد وتتبع برامج التنمية الجهوية والتصاميم الجهوية لإعداد التراب، مع ما يستلزمه ذلك من مواصلة العمل على إطلاق جيل جديد من أدوات التنشيط الاقتصادي وريادة الأعمال والاستثمار، وبلورة مزيد من الإجراءات التحفيزية لدعم قدرات الجهات في تنفيذ المشاريع وتنويع مصادر تمويلها.
مدركين في نفس الوقت ضرورة الإسراع بالتفعيل الأمثل لميثاق اللاتمركز الإداري، لتمكين المؤسسات الترابية من النهوض بأدوارها التدبيرية، وتبسيط الإطار التعاقدي بين الدولة والجهات من أجل الاستخدام الأمثل للوسائل والإجراءات .
وهذا بطبيعة الحال هو المسار النموذجي الذي سيمكننا من خلق مستويات لامركزية تتحمل مسؤوليتها كاملة بالكفاءة اللازمة، تجسيدا للتنوع والفعالية التي تميز الخصوصيات الترابية، وفي اقتناع تام بأن المستوى المحلي هو الحيز الذي يجب أن تطرح في إطاره المسائل الحقيقية المتعلقة بالنهضة التنموية. آملين في المستقبل القريب والمتوسط انبثاق " مغرب الجهات " مزدهر وحيوي، قادر على تهيئة فضاءات ترابية مندمجة وتنمية منظومات اقتصادية مستدامة تنعم فيها جميع الأسر المغربية بشروط العيش الكريم.
حضرات السيدات والسادة،
إن رهان معالجة التفاوتات المجالية يشكل الخلفية الصلبة للبرنامج الحكومي، ونقطة الانطلاق لكل الاستراتيجيات القطاعية الترابية، لذلك فقد منحته الحكومة المكانة التي يستحقها وحرصت على التمسك بالالتزامات وتثمين المكاسب في هذا الشأن، للحد من شتى مظاهر الفقر والإقصاء الاجتماعي وتقليص تأثيراتها على مستقبل الأجيال القادمة .
في هذا الإطار، نستحضر جميعا، الرؤية الملكية السامية لإطلاق برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، حيث دعا جلالته بمناسبة عيد العرش المجيد لسنة 2015 إلى: " وضع مخطط عمل مندمج، يقوم على الشراكة بين مختلف القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية، لتوفير وسائل تمويل المشاريع، وتحديد برمجة مضبوطة لإنجازها ". مضيفا في نفس الخطاب على أن: " الجهة يجب أن تشكل قطبا للتنمية المندمجة، في إطار التوازن والتكامل بين مناطقها، وبين مدنها وقراها، بما يساهم في الحد من الهجرة إلى المدن". (انتهى منطوق خطاب جلالة الملك).
وهي التوجيهات الملكية الرشيدة التي مكنت من تسطير برنامج طموح وبأبعاد متكاملة يغطي الفترة 2017 _ 2023، بهدف تمويل مشاريع البنيات التحتية في الجماعات الترابية والجهات النائية والمناطق ضعيفة التجهيز، وفق رصد دقيق للاختلالات والحاجيات وتشخيص واقعي للتفاوتات والخصاص المجالي ببلادنا، مستهدفا بذلك 29 ألف دوار داخل 1272 جماعة.
وبفضل طبيعته المتعددة القطاعات، فقد أسس البرنامج لنمط حديث للتدخلات الترابية، تقوم على مبادئ الإلتقائية وانسجام السياسات في بعدها الشمولي، بهدف تحسين فعاليته التقنية وحكامة تنزيل مختلف محاوره، المرتبطة أساسا ب:
أولا: فك العزلة عن سكان المناطق القروية والجبلية عبر بناء الطرق والمسارات والمعابر لتجويد نوعية الحياة؛
ثانيا: تعميم حصول الساكنة المحلية على الخدمات الأساسية من الكهرباء والماء الصالح للشرب والصحة والتعليم؛
ثالثا: تهيئة الظروف اللازمة لتعزيز وتنويع الإمكانيات الاقتصادية للمناطق القروية والجبلية.
ومن أجل ضمان الترجمة الحقيقية لأهداف البرنامج، فقد تم تزويده برافعات أساسية تهم تعبئة الذكاء الجماعي لكافة الفاعلين المعنيين وتعزيز الهندسة التشاركية للمشاريع الاجتماعية والاقتصادية ورصد تأثيرها على تطور المناطق المستهدفة، فضلا عن ضمان نجاعة التدخلات واندماج الموارد البشرية والمالية للهيئات المعنية .
وخصص لهذا البرنامج استثمارات مالية عمومية تناهز 50 مليار درهم، تتوزع على مساهمات كافة الهيئات المتدخلة، بناء على مخططات عمل سنوية للجان الجهوية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية، التي تسهر على وضع بنك للمشاريع ذات الأولوية بكافة جهات المملكة.
وفي هذا الصدد، لا يفوتني التذكير أنه عقب المصادقة على الاستراتيجية الوطنية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية سنة 2015، كان لابد من وضع آلية بين -وزارية تسهر على ضمان الاندماج القطاعي والتقائية التدخلات بالعالم القروي.
وفي هذا الإطار، خصص صندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية، كل اعتماداته للفترة ما بين 2017 و 2023 لفائدة هذا البرنامج، بمساهمة تقدر ب % 47 ضمن إجمالي غلافه المالي، من خلال بلورة مقاربة مجالية، تشاركية وتعاقدية، تستفيد منها جميع جهات المملكة التي تساهم ميزانياتها بما يقارب % 40، إلى جانب المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب وباقي القطاعات الوزارية المعنية .
السيد الرئيس المحترم،
السيدات والسادة المستشارون المحترمون،
بالتزامن مع دخول بلادنا مسارا تاريخيا فيما يتعلق بتعزيز أسس الدولة الاجتماعية، يحق لنا جميعا أن نفتخر بما حققه برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، الذي تمكن من بلوغ معظم أهدافه على مستوى الاستهداف الترابي، فضلا عن تكريس الآثار المتوقعة في جميع المشاريع المنجزة. مساهما بذلك في تحسين المستوى المعيشي للأسر القروية لاسيما من خلال فك العزلة وتوفير الخدمات الأساسية بمجموع الجماعات المستهدفة.
كما يجب أن نعرب عن فائق إشادتنا بجودة التتبع وفعالية الاستثمارات المبرمجة التي حظيت بها مختلف مراحل البرنامج، إذ تمت مواكبة اللجان الجهوية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية بدراسة لوضعية الجماعات الترابية، من خلال وضع خرائط توثق تموضع الفوارق المجالية بالنسبة للقطاعات المعنية، بغية توجيه وربط الاستثمارات بسد حاجيات وأولويات المناطق المستهدفة.
وقد تم إنجاز سبعة مخططات عمل سنوية لكل جهة، متوافق عليها بين اللجنة الوطنية لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية واللجان الجهوية الاثني عشر.
حيث بلغت الاعتمادات المالية المرصودة برسم مخططات العمل حتى متم أكتوبر 2023، 43 مليار و610 مليون درهم، (من ضمنها 18 مليار درهم كمساهمة لصندوق التنمية القروية والمناطق الجبلية بنسبة % 41,71 من الاعتمادات المرصودة). فيما بلغ إجمالي الاعتمادات الملتزم بها حوالي 42 مليار درهم وإجمالي الأداءات أزيد من 31 مليار درهم، أي ما يعادل على التوالي 96 % و % 71 من إجمالي الاعتمادات المرصودة. وهي معدلات قياسية تعكس حجم الانخراط والجدية التي رافقت تنزيل هذا البرنامج الملكي.
ويمثل الغلاف المالي المخصص للمناطق الجبلية برسم ذات المخططات السنوية حصة 75 % من الاستثمار الإجمالي المبرمج، بما قدره 35 مليار و800 مليون درهم، بلغت فيها مساهمة صندوق التنمية القروية والمناطق والجبلية أزيد من 14 مليار و600 مليون درهم، بما يناهز 74 % من المساهمة الإجمالية للصندوق.
وتجدر الإشارة إلى أن الفارق المسجل بالنسبة للاعتمادات المرصودة وللالتزامات مقارنة مع الاستثمار المبرمج يرجع لكون نسبة مهمة من الاعتمادات لازالت في طور المصادقة على الالتزامات نهاية السنة المالية الحالية، كما أن عددا من المشاريع لازالت في طور الاطلاق، خاصة تلك المدرجة بمخطط العمل 2023. وستشهد السنة المالية 2024 رصد اعتمادات إضافية ستساهم في تقليص هذا الفارق.
وإن الحجم المهم للاعتمادات المالية المشار إليها، انعكست بشكل ملحوظ على تنوع المنجزات الميدانية وانتشارها الترابي، باستهداف ما مجموعه 1243 جماعة ترابية، ضمنها 140 جماعة تضم مراكز قروية، لفائدة ساكنة قروية إجمالية تبلغ 14 مليون نسمة. وقد شملت هاته المخططات السنوية بعض المجالات الحضرية التي تعرف تدفقات وتفاعلات منتظمة للساكنة القروية، حيث غطت المشاريع المبرمجة 91 جماعة حضرية.
وبلغة الأرقام، من المؤكد اليوم أننا نشهد انعطافة حاسمة في نموذجنا الاجتماعي، وهو النموذج الذي تأسس على نجاح الدولة في ضمان الولوج إلى الخدمات الأساسية وتكريس المساواة وصون كرامة المواطنين.
وبمعاينة الحصيلة المشرفة لمنجزات برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، نعيش اليوم ميلاد عهد جديد للتأهيل الترابي المندمج، عهد يراعي قناعاتنا الحكومية ويخدم طموح أبناء وبنات المناطق المستهدفة، وهو ما تعكسه بوضوح المؤشرات التالية:
بالنسبة لمحور فك العزلة وتقوية المسالك والطرق القروية:
فقد تم بناء وصيانة 19.440 كيلومتر من الطرق والمسالك القروية، وتشييد وإعادة بناء 177 منشأة فنية، فيما توجد 4892 كلم في طور الإنجاز. وقد عرفت المناطق الجبلية إنجاز ما يناهز % 65 من عمليات بناء وصيانة الطرق والمسالك ب 12.525 كلم.
- وبفضل هذه المنجزات ارتفع عدد الجماعات ذات الولوجية الجيدة من فئة (5) و (6) ب 221 جماعة إضافية، من 817 سنة 2016 إلى 1038 نهاية 2022. (وتجدر الإشارة إلى أن صنف الجماعات (5) و (6) هي الفئة الأعلى في التصنيف والتي تتوفر على مجمل الخدمات الأساسية).
أما فيما يخص محور توسيع شبكة التزود بالماء الصالح للشرب والكهرباء:
فقد تم إنجاز 667 منظومة للماء الصالح للشرب وتوسيع الشبكة ب 1.084 كلم من القنوات الخاصة بالتزويد بهذه المادة الحيوية، فضلا عن الانتهاء من 26.318 عملية للربط الفردي والمختلط والنافورات. مع استهداف المجالات الجبلية ب 491 منظومة للماء الصالح للشرب و % 82 من عمليات التوصيل الفردية والمختلطة والنافورات.
ليرتفع بذلك عدد الجماعات من فئة (5) و (6) حسب مؤشر الربط بالماء الشروب، من 791 سنة 2016 إلى 919 نهاية سنة 2022، أي بزيادة 128 جماعة (ضمنها 95 جماعة بالمجالات الجبلية).
وبخصوص الكهربة القروية، فقد تم العمل على كهربة 998 دوار قروي، فضلا عن تمديد الشبكة الكهربائية على طول 997 كلم، فيما عرفت المجالات الجبلية كهربة 821 دوار أي ما يناهز % 82 من إجمالي عمليات الكهربة القروية.
لينتقل عدد الجماعات من الفئة (6) حسب مؤشر الربط بالكهرباء، من 816 سنة 2016 إلى 1212 نهاية سنة 2022، أي بزيادة 396 جماعة.
وفيما يتعلق بمحور تأهيل التجهيزات الأساسية لقطاع التعليم:
فقد تم إنجاز 2.894 عملية متعلقة بتشييد وإعادة بناء وتوسعة وتأهيل البنيات التحتية في قطاع التعليم بنسبة تناهز حوالي 76 % ، وتوسيع وصيانة المؤسسات التعليمية بالمجالات الجبلية ب 1.712 عملية. فضلا عن 962 عملية اقتناء متعلقة بحافلات النقل المدرسي و139 عملية تجهيز للفضاءات التعليمية.
- إذ سيعرف تصنيف الجماعات حسب مؤشر الولوجية إلى البنية التحتية التعليمية تعزيز فئة الجماعات (5) و (6) ب 78 جماعة إضافية، حيث ارتفع عدد الجماعات بهاته الفئة من 669 سنة 2016 إلى 747 نهاية2022.
وحسب مؤشر جودة البنية التحتية التعليمية، فقد تم تعزيز عدد الجماعات من الفئة (5) و (6) ب 56 جماعة حيث ارتفع عدد الجماعات بهاته الفئة من 346 سنة 2016 إلى 402 نهاية 2022.
أما في المجال الصحي، فقد تم إنجاز 790 عملية تشييد وإعادة بناء وصيانة وتوسعة وتأهيل البنية التحتية الأساسية للصحة، تحتل فيها المجالات الجبلية نسبة % 66 مع توسيع وصيانة المؤسسات الصحية ب 518 عملية. بالإضافة إلى إنجاز حوالي 766 عملية اقتناء تتعلق بسيارات الإسعاف والوحدات المتنقلة، و640 عملية تجهيز بالمعدات للمراكز الصحية والمستوصفات القروية؛
- وهو ما ساهم في تحسين تصنيف الجماعات من الفئة (5و6) حسب مؤشر الولوج إلى البنية التحتية الصحية، ب 94 جماعة إضافية، حيث ارتفع عدد الجماعات بهاته الفئة من 640 سنة 2016 إلى 734 نهاية 2022.
- أما بخصوص مؤشر جودة البنية التحتية الصحية، فقد تم تعزيز عدد الجماعات من الفئة (5 و6) ب 370 جماعة، ليرتفع عدد هذه الفئة من 425 جماعة سنة 2016 إلى 795 جماعة نهاية 2022.
السيد الرئيس المحترم؛
السيدات والسادة المستشارين المحترمين،
إن الحصيلة المشرفة للمشاريع المنجزة، بقدر ما تعكس قناعتنا الراسخة في تحسين مستوى عيش الأسر والنهوض بقضاياها ذات الأولوية، فإنها في المقابل ساهمت في وضع الجماعات المستهدفة في المسار الحقيقي للتنمية البشرية المستدامة.
الأمر الذي ساهم في الانتقال النوعي لمعدلات التأهيل الترابي للجماعات المستهدفة، حيث انتقلت 241 جماعة مصنفة ضمن الأولوية 1 و2 و3 سنة 2016 إلى فئتي الأولوية 5 و6 سنة 2022، ما يرفع تعداد الجماعات التي تتوفر على مجمل الخدمات الأساسية من 502 جماعة سنة 2016 إلى 743 جماعة حاليا، مسجلة ارتفاعا نسبته 48%.
وقد امتد تأثير ووقع الاستثمارات في قطاع الطرق ليشمل ساكنة المناطق الحضرية إثر إنجاز مشاريع بناء وصيانة الطرق المصنفة التي تخدم كافة الساكنة (القروية والحضرية)، ومن المرتقب أن تساهم مشاريع الطرق والمسالك المنجزة من الرفع من نسبة الولوجية بالعالم القروي إلى 90 % بنهاية هذه السنة. فالتدابير الموجهة لفك العزلة عبر إنشاء المسالك والطرق القروية، لعبت دورا مهما في تقليص مدة الولوج إلى الخدمات الصحية والمؤسسات التعليمية، فضلا عن فك العزلة عن المدارات الفلاحية والمواقع السياحية. كما منحت نفسا إيجابيا لتطوير أنشطة اقتصادية غير فلاحية لفائدة الأسر القروية وتعزيز استقرارها الاجتماعي.
ولتكريس جودة المدرسة العمومية والارتقاء بمستوى التلاميذ بالمناطق القروية، فقد ظل هاجسنا الرئيسي يكمن في رفع نسبة الاستفادة من خدمات قطاع التعليم، عبر تأهيل البنيات التحتية وتجويد مرافقها، خاصة الداخليات ومراكز الإيواء والمطاعم المدرسية والنقل المدرسي. وهو ما مكننا من رفع معدلات التمدرس بالعالم القروي لاسيما نسبة تمدرس الفتاة القروية، لتبلغ 60 % بالمناطق المستهدفة، أي بزيادة 15 % مقارنة مع ذات النسبة سنة 2017، فضلا عن تقليص المدة اللازمة لوصول التلاميذ إلى المؤسسات التعليمية بنسبة 16 %.
وبخصوص قطاع الصحة، وللسهر على تعزيز العرض الاستشفائي بالمناطق المستهدفة، نؤكد اليوم اعتزازنا بالنتائج التي خلص إليها البرنامج، حيث أن مشاريع بناء المؤسسات الصحية وعمليات اقتناء سيارات الإسعاف والوحدات الطبية المتنقلة، ساهمت بشكل كبير في تحسين ولوج وجودة الخدمات الصحية بنسبة 98 %، مع تسجيل انخفاض مهم في نسبة وفيات المواليد الجدد عند الولادة بنسبة %59.
كما مكنت مشاريع الربط بالماء الصالح للشرب، من التقليص على التوالي من المسافة والمدة الزمنية اللازمة للتزود بالماء بنسبة 81 % و% 82، بالإضافة إلى تحسن ملموس لجودة مياه الشرب بنسبة 95 % على مستوى الربط الفردي و 65 %على مستوى النافورات.
وتجدر الإشارة إلى أن المشاريع المنجزة مكنت من خلق أزيد من 120 مليون يوم عمل و343 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.
دون إغفال كون البرنامج شكل نموذجا ناجحا للتدبير المندمج، يجدر بنا الاقتداء به على المستوى التنظيمي والمؤسساتي، لاسيما بالنسبة لمشاريع التنموية ذات البعد الترابي.
واسمحوا أن أستدل على ذلك، ببعض الممارسات الجيدة التي كان لها دور بالغ في الرفع من نجاعة هذا البرنامج:
أولا: تبني الشركاء، على الصعيد الجهوي، لإطار حكاماتي يعزز مبادئ الجهوية المتقدمة، حيث يمكن اعتماده وتكييفه في إطار برامج أخرى.
ثانيا: اعتماد واستيعاب الشركاء والمتدخلين الجهويين لمقاربة ومنهجية التخطيط والبرمجة التشاركية الموسعة والمبنية على نجاعة الاستهداف لتعزيز الإلتقائية والاندماج القطاعي وتزامن التدخلات.
ثالثا: إرساء إطار مؤسساتي لتعزيز التواصل وتبادل المعلومات بين الشركاء باستعمال النظام المعلوماتي لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية.
حضرات السيدات والسادة،
إن العناية بالعالم القروي ترتبط بالأساس بتعليمات جلالة الملك نصره الله، على غرار ما وقع في زلزال الحوز، والذي تسبب في تضرر عدة أقاليم، حيث اتخذ جلالته قرارات كبرى، تعمل الحكومة على تنزيلها في إطار اللجنة البين وزارية المكلفة بالبرنامج الاستعجالي لإعادة تأهيل المناطق المتضررة.
وفي بداية يناير 2024، سنصل بحول الله إلى 50 ألف مستفيد، سواء في ما يخص المساعدات المالية المستعجلة الشهرية الموجهة للأسر المتضررة، وكذا المساعدة المالية المباشرة بقيمة 140 ألف درهم للمساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا.
وجدير بالذكر، أن كلا من وزارة الداخلية، ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، والجماعات الترابية لا يذخرون أي جهد من أجل تيسير عملية إعادة البناء لفائدة المواطنين.
إضافة إلى ذلك، نقوم بصيانة الأضرار التي لحقت بالشبكة الطرقية، ومواصلة فتح المسالك القروية، وتأهيل المدارس والمراكز الصحية، مع الحرص أيضا على تأهيل الساقيات ودعم النشاط الفلاحي في المناطق المتضررة، والتي تنتمي جلها إلى العالم القروي.
هذا وتسهر الحكومة على تنزيل عدد من المشاريع بشكل مكثف، ليس فقط من أجل إعادة الإعمار، بل من أجل تحقيق التنمية في هذه المناطق.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته