كلمة السيد رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني بمناسبة إطلاق الحملة التحسيسية السادسة للأشخاص المسنين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه،
السيدة الوزيرة؛
السيد المندوب السامي؛ السيد المدير العام
السيدة والسادة أعضاء المرصد الوطني للأشخاص المسنين؛
السيدات والسادة ممثلات وممثلي فعاليات المجتمع المدني؛
حضرات السيدات والسادة؛
يشرفني أن أترأس اليوم هذا اللقاء لإعطاء الانطلاقة الرسمية للحملة الوطنية التحسيسية السادسة للأشخاص المسنين، تخليدا لليوم العالمي للأشخاص المسنين، الذي يصادف هذه السنة تخليد الذكرى الثلاثين لإعلان هيئة الامم المتحدة سنة 1990عن فاتح أكتوبر يوما عالميا للأشخاص المسنين.
وقد دأبت بلادنا على تنظيم هذه الحملة التحسيسية منذ سنة 2013، تحـــــت شعار " الناس الكبار كنز في كل دار"، باعتبارها محطة للوقوف على الواقع والآفاق المستقبلية للنهوض بأوضاع كبار السن، وفرصة لتسليط الضوء على البرامج والإجراءات التي اتخذتها بلادنا بخصوصهم.
حرصا منها على مواجهة التحديات السوسيو ديموغرافية والاجتماعية التي يعرفها المجتمع، والتي تؤثر على بنية الأسرة وعلى آليات التكفل بهذه الفئة من المواطنات والمواطنين.
كما أن الاحتفاء بهذا اليوم خلال هذه السنة يأتي في سياق استثنائي بسبب انتشار جائحة كوفيد 19 وتداعياتها على معظم بلدان العالم، فهذه الجائحة تسببت في حدوث اضطرابات عديدة في جميع أنحاء العالم، خصوصا تداعياتها الصحية والنفسية والاجتماعية على كبار السن.
حضرات السيدات والسادة؛
إن المغرب كغيره من بلدان العالم يعرف تحولا ديمغرافيا متسارعا ومتناميا و مستمرا، مع تراجع نسبة الأطفال دون 15 سنة وتزايد الأشخاص البالغين من العمر 60 أو أكثر، والذين يمثلون11,3 % من مجموع السكان، أي حوالي 4 مليون نسمة سنة 2020، كما أن 57,5% من المسنين 60 سنة فما فوق، مصابون بمرض مزمن واحد على الأقل، منهم 49,3 بالمائة مسنات و 65,3 بالمائة رجال.
في ظل هذه التحولات الديمغرافية، وفي إطار التجاوب مع حاجيات المسنين المتزايدة والانتظارات والتحديات المرتبطة بهذا المجال، قامت بلادنا بتوفير المرتكزات الأساسية للانتقال إلى معالجة قضايا الأشخاص المسنين على أساس مبدأ الحق وليس فقط الرعاية، وذلك في إطار الانسجام التام مع الالتزامات الدستورية لسنة 2011، التي حثت السلطات العمومية على وضع سياسات لصالح الفئات الاجتماعية الهشة بمن فيهم الأشخاص المسنون وتنفيذ هذه السياسات.
وفي هذا السياق، أولت الحكومة أهمية خاصة لهذه الفئة من المجتمع، كما ضمنت برنامجها الحكومي 2016-2021، مجموعة من الإجراءات كالتالي:
- وضع سياسة وطنية للأشخاص المسنين؛
- اعتماد إطار تنظيمي لتدخل الدولة والمجتمع المدني لضمان حقوقهم وصون كرامتهم؛
- تفعيل المرصد الوطني للأشخاص المسنين؛
- تطوير أساليب بديلة عن التكفل المؤسساتي بالأشخاص المسنين؛
- إحداث برنامج خاص بصحة الأشخاص المسنين؛
- تعزيز التكوين والتدريب في مهن الشيخوخة.
حضرات السيدات والسادة؛
إن مبدأ التضامن والتكافل أصيل ونابع من قيمنا الإسلامية والحضارية التي تحث على التعاون والتآزر، وخصوصا في ظل هذه الظرفية التي تعرف انتشار وباء كوفيد 19.
إن جميع الفئات العمرية معرضة لخطر الإصابة بهذا الفيروس، إلا أن الأشخاص المسنين هم أكثر عرضة للمضاعفات المسببة للوفاة، أو الأمراض المستعصية بعد الإصابة، ونحن نحتفل باليوم العالمي للأشخاص المسنين من خلال إطلاق الحملة التحسيسية السادسة، والتي اختير لها موضوع السنة " توفير بيئة آمنة للأشخاص المسنين: مسؤوليتنا جميعا "، لذلك نحتاج الى أن نتضامن جميعا للتكثيف من عمليات التحسيس والتوعية وذلك بهدف:
- رفع مستوى الوعي بالاحتياجات الصحية الخاصة لكبار السن؛
- زيادة الوعي والتقدير لدور العاملين في المجال الصحي من أجل الحفاظ على صحة كل المواطنين والمواطنات، وعلى رأسهم كبار السن؛
- رفع مستوى الوعي بتأثير جائحة كوفيد-19 على كبار السن وتأثيره على سياسة الرعاية الصحية والتخطيط؛
- النهوض بثقافة التضامن بين الأجيال؛
- تعزيز الوعي لدى الأطفال والشباب بضرورة الانخراط في مجال حماية الأشخاص المسنين، وتعزيز مكانتهم داخل الأسرة والمجتمع.
حضرات السيدات والسادة؛
إن قضايا الأشخاص المسنين تحظى باهتمام كبير في السياسات والبرامج الوطنية، وذلك اعتبارا للتحولات الديمغرافية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها بلادنا، كما سبقت الإشارة إلى ذلك. وقد اتخذت الحكومة مجموعة من المبادرات للنهوض بحقوق هذه الفئة من المجتمع تنفيذا للتعليمات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
وفي هذا الإطار، وتنزيلا للمحور الرابع من البرنامج الحكومي، أطلقت الحكومة ورش إعداد السياسة العمومية المندمجة للنهوض بأوضاع الأشخاص المسنين كإطار لتنسيق مختلف المبادرات والبرامج في هذا المجال.
كما تعمل الحكومة على تعزيز الرعاية الصحية للمسنين من خلال البرنامج الوطني للشيخوخة، الذي يهدف إلى تحقيق جملة من الأهداف في مجال تعزيز الوقاية والكشف المبكر للأمراض المزمنة والولوج إلى العلاجات والمتابعة.
ويتم العمل حاليا على تنفيذ مخطط عمل وطني حول الصحة والشيخوخة للمرحلة 2018 -2030، وفق منهجية تشاركية تنبني على مقاربة الحق في الصحة وترتكز على حاجيات الأشخاص المسنين، انسجاما مع الأهداف المسطرة بالمخطط العالمي من أجل تشيخ سليم.
ويتمحور الهدف العام للمخطط المذكور حول تحسين القدرات الوظيفية للمسنين، عبر ضمان حصولهم على الخدمات الصحية تستجيب لاحتياجاتهم الضرورية، مبنية على سياسة القرب والجودة.
كما يتم العمل على تقوية وتنمية التكفل بالأشخاص المسنين من خلال تفعيل برنامج تأهيل مؤسسات الرعاية الاجتماعية المستقبلة لهؤلاء الأشخاص2017-2021، والذي يرتكز بالأساس على التأهيل المادي لمؤسسات الرعاية الاجتماعية للمسنين، وتأهيل الموارد البشرية العاملة بالمؤسسات، ومعايرة خدمات مؤسسات الرعاية الاجتماعية للمسنين، وتنويع الخدمات لفائدة المسنين.
حضرات السيدات والسادة؛
إن الحماية الاجتماعية حق من حقوق الإنسان الأساسية، ينبغي أن يستفيد منها كل المواطنات والمواطنين، خاصة أولئك الذين يعيشون في وضعية صعبة، بالشكل الذي يحفظ كرامتهم، ويصون التماسك الاجتماعي. ويشكل الأشخاص المسنون فئة من الفئات التي ينبغي أن تحظى بالأولوية في هذا المجال.
ولا شك أن منظومة الحماية الاجتماعية هي نتاج تراكمات لسياسات وبرامج متبعة في المجالات الاجتماعية ببلادنا منذ عقود، والتي مكنت من ولوج فئات واسعة من السكان لمجموعة من الخدمات الاجتماعية. غير أننا نتفق جميعا بأن هذه الخدمات لا ترقى بعد إلى المستوى المنشود، وهو ما تعكسه مؤشرات التنمية البشرية التي لا زالت دون ما نطمح ونسعى إلى تحقيقه، رغم ما تم تخصيصه من اعتمادات مالية مهمة في هذا المجال.
وقد أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله تعليماته السامية لتطوير منظومة الحماية الاجتماعية ببلادنا في أكثر من مناسبة.
وفي هذا الإطار وتنزيلا للمقتضيات الدستورية والتوجيهات الملكية السامية، فإن الحكومة أعدت عدة برامج وأطلقت مبادرات للنهوض بأوضاع الأشخاص المسنين نذكر من بينها:
- إصدار القانون رقم 65.15 المتعلق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية، الذي تم بموجبه تنظيم مؤسسات الرعاية الاجتماعية بما فيها المؤسسات التي تتكفل بالأشخاص المسنين.
- إحداث صندوق دعم التماسك الاجتماعي كآلية جديدة لدعم الأشخاص في وضعية إعاقة، بما فيهم المسنين كآلية جديدة.
- تخفيض ثمن ما يفوق 1700 دواء، حيث تراوحت التخفيضات ما بين 20 و80 في المئة مما ساهم في تخفيف عبء النفقات الطبية لدى الفئات الفقيرة والهشة خاصة أدوية علاج الأمراض المزمنة والمكلفة والتي تهم بالدرجة الأولى فئة المسنين.
- مراجعة تعريفة المكتب الوطني للسكك الحديدية من خلال تخفيض سعر التذاكر لفائدة الأشخاص المسنين؛
- توفير الولوجيات لفائدة الأشخاص محدودي الحركة بما فيهم الأشخاص المسنين.
- ضمان حد أدنى للمعاش بالقطاعين العام والخاص؛
- إبرام اتفاقيات في مجال الضمان الاجتماعي مع دول أجنبية تضمن الحق في المعاش وتحويله إلى المغرب لفائدة المسنين المهاجرين؛
- فتح ورش إصلاح أنظمة التقاعد بهدف ديمومته ودون المساس بالحقوق المكتسبة؛
- إصدار القانون رقم 98.15 المتعلق بالتأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بفئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء، والقانون رقم 99.15 المتعلق بإحداث نظام للمعاشات لنفس هذه الفئات.
حضرات السيدات والسادة؛
قبل أن أختم هذه الكلمة، أود أن أنوه بالمجهودات التي تقومون بها وأريد أن أحيي هذا المجهود الجماعي، والمقاربة التشاركية، التي ميزت بلورة مختلف البرامج والسياسات الاجتماعية، وشملت جميع مكونات المجتمع المغربي بصفة عامة، والأشخاص المسنين بصفة خاصة، كما أشيد بالانخراط القوي لجميع الفاعلين من سلطات عمومية، ومؤسسات وطنية، وجماعات ترابية، وقطاع خاص، وجامعات، ومجتمع مدني في إنجاح عمليات التحسيس والتوعية خلال تنظيم هذه الحملات التحسيسية، وتنزيل المبادرات وكذا السياسات العمومية والبرامج ذات الصلة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.