الكلمة الافتتاحية للسيد رئيس الحكومة بمناسبة اجتماع اللجنة الوطنية للسلامة الطرقية
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه،
السيدة والسادة الوزراء؛
السيد الجنرال دوكوردارمي قائد الدرك الملكي؛
السيد المدير العام للأمن الوطني؛
السيد الجنرال دوديفيزيون المفتش العام للوقاية المدنية؛
حضرات السيدات والسادة؛
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
يسعدني أن أترأس اليوم أشغال اللجنة المشتركة بين الوزارات للسلامة الطرقية التي تعتبر أداة مؤسساتية للتنسيق بين كافة المتدخلين في مجال السلامة الطرقية لضمان الالتقائية والنجاعة، في إطار الجهود المتواصلة من أجل تحقيق الأهداف المتوخاة من الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية للعشرية 2017-2026، والتي حددت هدفا طموحا ألا و هو تقليص عدد القتلى ضحايا حوادث السير ب 50% في أفق 2026، حيث تمكنت بلادنا ولله الحمد خلال السنوات الأربع الأخيرة من إنقاذ ما يقارب 1000 حياة بشرية إلى متم سنة 2020.
ويأتي هذا الاجتماع تزامنا مع تخليد اليوم الوطني للسلامة الطرقية الذي يصادف الـ 18 من فبراير من كل سنة وبعد اجتماع اللجنة الدائمة للسلامة الطرقية الذي انعقد يوم الإثنين 15 فبراير، الذي تدارس حصيلة العمل لسنة 2020 ومشروع برنامج العمل الخاص بالسلامة الطرقية برسم سنة 2021، والذي سيعرض على أنظار هذه اللجنة من أجل المصادقة عليه.
كما يعتبر هذا الاجتماع محطة لتقييم مختلف البرامج المنجزة، ورصد الإكراهات والصعوبات التي يتعين تجاوزها، بالإضافة إلى التحسيس والتوعية بأهمية هذا الورش الوطني.
حضرات السيدات والسادة
إن وراء كل حادث خطير، أرواحا تزهق، وعائلات تعاني، وأشخاصا تتغير حياتهم بالكامل. فهذه المآسي تُكْلِمنا، إذ أن حرب الطرقات مذبحة تحصد الأرواح يومياً، فكل واحد منا سبق وأن فقد أحد أقاربه أو معارفه في حادثة سير. اللهم ارحم جميع الضحايا واشف الجرحى.
لقد أصبحت السيارات في عصرنا الحالي أفضل تصميمًا وأكثر تطوراً، بالإضافة إلى كونها أكثر أمانًا بفضل تطور التكنولوجيا. ومع ذلك، لا تزال طرق العالم تحصد العديد من الضحايا. ففي كل سنة، يموت أكثر من 1.300.000 شخص في حوادث السير، بالإضافة إلى عشرات الملايين من الجرحى والمصابين.
وحسب الأمم المتحدة، فإن عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و29 عامًا والذين تودي حوادث السير بحياتهم أكثر من عدد الذين لقوا مصرعهم نتيجة الإصابة بالإيدز أو الملاريا أو السل أو تعرضوا للقتل. إن الأسئلة التي تتبادر إلى الذهن الآن هي كيف نتجنب هذه المجزرة؟ كيف نجعل الطرق أقل فتكاً؟
هناك حاجة إلى "استجابة جماعية" لمنع مثل هذه المآسي، خاصة في بلادنا حيث يصل عدد الوفيات على الطرق المغربية أزيد من 3000 شخص سنويا. وعلى هذا الأساس، أدرجت الحكومة موضوع السلامة الطرقية ضمن التزاماتها، بغية تقليص عدد الوفيات الناجمة عن حوادث السير.
لقد سجلت الإحصائيات المؤقتة لسنة 2020، والتي كانت سنة استثنائية بجميع المقاييس بسبب انتشار جائحة كورونا، انخفاضاً ملحوظاً لحوادث السير، يعزى بالدرجة الأولى إلى التراجع المهم في حركة السير والجولان المترتب عن التدابير الاحترازية المتخذة من طرف السلطات العمومية خلال فترة الحجر الصحي.
وتجدر الإشارة إلى أننا تمكنا خلال السنة الفارطة من تحقيق جزء مهم من التقدم، إذ تم تسجيل تراجع في عدد الوفيات بنسبة 26 %، وهو ما يجب تعزيزه خلال السنة الجارية للوصول إلى الأهداف المسطرة في أفق السنة الخامسة من تفعيل الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية. وهو ما يشكل دافعاً قوياً ودعامة أساسية لمواصلة التعبئة وتكاثف الجهود بهدف الحد من الأضرار الجسيمة التي تسببها حوادث السير على المستوى البشري والمادي والاقتصادي أيضاً، بحيث تعادل كلفة حوادث السير نقطتين من الناتج الداخلي الخام، بالرغم من أن المغرب يعد من بين البلدان الرائدة التي اعتمدت استراتيجية مندمجة للسلامة الطرقية منذ سنة 2004.
حضرات السيدات والسادة
إن بلوغ الأهداف المسطرة يستوجب الإسراع في وتيرة تنزيل مكونات الاستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية 2017-2026 وفق ما تم تسطيره في البرنامج التنفيذي. كما أنه رهين بتنزيل مخططات عمل جهوية ذات بعد محلي، تتم بلورتها في إطار أشغال اللجن الجهوية للسلامة الطرقية برئاسة السادة الولاة من أجل إيجاد الحلول الناجعة للإشكالات المتعلقة بالسلامة الطرقية والتهيئات الحضرية المرتبطة بالخصوصيات المجالية.
وكما هو معلوم فإن هذا الورش يكتسي طابعا وطنيا يقتضي تظافر جهود كافة المتدخلين، كل من موقعه، بغية توفير كل الإمكانيات المادية والبشرية لذلك، دون إغفال العمل التواصلي مع المواطنين وفعاليات المجتمع المدني من أجل تغيير السلوكيات في استعمال الطرق من خلال ترسيخ قيمة الحفاظ على الحياة، وكذا قيم التسامح وقبول الآخر في الفضاء العمومي الطرقي.
وفي الأخير، أشكر جميع المتدخلين على المجهودات المبذولة وأتمنى أن تكلل أعمال هذه اللجنة بالنجاح، لبلوغ الأهداف النبيلة التي أحدثت من أجلها.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.