كلمة السيد رئيس الحكومة بمناسبة تقديم الجواب على العريضة المتعلقة بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية تحت اسم "صندوق مكافحة السرطان"

PHOTO-28-09-2020.jpeg

في البداية أشكر أصحاب العريضة على مبادرتهم من أجل إحداث "صندوق مكافحة السرطان." وأنوه من خلالهم بكل الذين دعموا العريضة ووقعوا عليها، وأشكر كل واحد منهم باسمه.
كما أشكر كل الذين تفاعلوا معها إيجابا، فهذا امتحان دستوري، نتعاون جميعا لننجح فيه.  
وكما لا يخفى عليكم، فإن أجواء الجائحة أبرزت المعدن الأصيل للمغاربة، إذ أبانوا على قيم التضامن والتعاون والعمل الجماعي في منأى عن أي حسابات أخرى. 
ورغم انعكاسات الجائحة وكثرة انشغالاتها، فإن ذلك لا يمكن أينسينا أو يحجب عنا قضايا أخرى في مختلف الميادين، بما فيها الصحة.  وهنا أخص بالذكر كل الذين يعانون من أمراض مزمنة، ومكلفة إنسانيا واجتماعيا وماديا، ومن بينهم مرضى السرطان. 
وبهذا الخصوص، لا يسعنا إلا أن نجدد دعمنا وتضامننا مع مرضى السرطان وأسرهم وذويهم، ولا يفوتني أن أحيي جميع المبادرات من لدن المؤسسات المختصة وجمعيات المجتمع المدني وكافة المحسنين الذين يقدمون مساعدات ويقفون إلى جانب هؤلاء المرضى للتخفيف من معاناتهم.
إني أثمن المبادرة الإنسانية والمواطنة والتشاركية لعريضة الحياة، وأثمن جهود أصحابها، كما أحيي رواد شبكات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الذين تعبؤوا للتعريف بها. 
كان بودنا أن يحضر كافة أعضاء لجنة العريضة، لكن ظروف الجائحة حالت دون هذا الأمر، ونرحب بالإخوة الذين ينوبون عنهم.
نحن الآن أمام سابقة مشجعه ومتميزة، فلأول مرة تصل عريضة وطنية إلى هذا المستوى من الدراسة والتفاعل، فهو أيضا تمرين ديمقراطي، لأصحاب العريضة ومدعميها، وأيضا للحكومة وقطاعاتها. 
إن دراسة العريضة ومطالبها كان مناسبة للقيام بتقييم شامل لوضعيه الوقاية وعلاج مرض السرطان ببلادنا. إن ما حققته بلادنا في مجال مكافحة السرطان والوقاية منه طيلة السنوات الماضية معتبر ومقدر، لكن ذلك لا يعني أنه ليست هناك نقائص يجب استدراكها. 
وأتوجه في هذا المقام بالتحية وشكر لجنة العرائض وأعضائها ورئيسها السيد وزير الدولة، الذين اشتغلوا بكل جدية وتفان، وعقدوا ما لا يقل عن عشرة اجتماعات، تداولوا خلالها واستمعوا إلى مختلف الآراء والمتدخلين، بما فيهم أصحاب العريضة، قبل إعداد رأي اللجنة النهائي، وإمدادي به في مذكرة شاملة. 
وعلى الرغم من وضوح الرأي الذي توصلت به من قبل لجنه العريضة، ولضمان التقائية أكبر ونجاعة أفضل، حرصت على توسيع التداول مع عدد من الوزراء، الذين ذهبوا في نفس الاتجاه وأكدوا على استعدادهم لتفعيل مضامين المذكرة وغاياتها. 
إن الوقاية من مرض السرطان وعلاجه عرف تطورا مطردا منذ سنوات وعرف عناية خاصة، بتخصيص ميزانية خاصة بهذا الورش، وبلورة مخطط وطني أول ما بين 2010 و2019، كانت نتائجه ملموسة. لكننا نطمح للمزيد، لأن مرضى السرطان يحتاجون عناية ورعاية أكبر، ونشعر بمعاناتهم وآلامهم، وهدفنا بذل كل المجهودات للتخفيف عنهم ولتيسير علاجهم.  
وإذا كان توفير ميزانية كافية يشكل أحد إكراهات وتحديات هذا الورش، فإن جميع الفاعلين أجمعوا على مركزية تطوير الحكامة، وعلى دور الاصلاح المؤسساتي، وأولوية تفعيل إجراءات بديلة عمليه وآنية.
لذلك، فالحكومة جعلت من ورش مكافحة مرض السرطان ورشا متعدد القطاعات، وإضافة إلى التزامها للعمل على تعميم التغطية الصحية في السنوات القليلة المقبلة، بوصفه ورشا هيكليا، سيستفيد منه مرضى السرطان أيضا، فإنها تلتزم بإجراءات بديلة، واقعية وآنية، لدعم المصابين بهذا المرض، لا سيما من خلال: 

  1. اعتماد المخطط الوطني للوقاية ومعالجة السرطان 2020 -2029 الذي يهدف إلى تقليص نسبة المراضة والإماتة التي تحدثت بسبب السرطان والعمل على تحسين جودة حياة المرضى ومحيطهم؛
  2. الشروع ابتداء من سنة 2021 في تعميم التلقيح ضد سرطان عنق الرحم لكافة الفتيات في سن الحادية عشر (11 سنة)، والذي يهم حوالي 350 ألف فتاة سنويا وسيمكن من القضاء على هذا النوع من السرطانات بالنسبة للأجيال الصاعدة، علما أن بلادنا تسجل 1500 حالة جديدة سنويا، يكلف علاج كل واحدة منها ما يناهز 100 ألف درهم؛
  3. العمل على تحويل المعهد الوطني للأنكولوجيا إلى مؤسسة عمومية، تتمتع بالاستقلال المالي والإداري، لتكون الفاعل المرجعي على المستوى الوطني في مجال الوقاية من السرطان ومكافحته، مع تقوية مهامها واختصاصاتها في مجالات البحث والدراسات والتكوين؛
  4. إحداث لجنة وطنية للوقاية من السرطان ومكافحته، يترأسها رئيس الحكومة، وتضم فاعلين مؤسساتيين، ومهنيين، وممثلين عن المجتمع المدني، لتتبع تقدم هذا الورش الوطني الكبير وضمان حكامته.

هذه أهم الإجراءات الملتزم بها، من ضمن سيل من الإجراءات الأخرى التي سيكون لها -إن شاء الله – وقع إيجابي وملموس على تطور الوقاية والعلاج والتكفل بمرضى السرطان ببلادنا.
 

النشرة الإخبارية