كلمة رئيس الحكومة، الدكتور سعد الدين العثماني، بمناسبة الاجتماع الأول للجنة الوزارية الدائمة لتتبع ومواكبة تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه،
السيد وزير الدولة؛
السادة الوزراء والوزراء المنتدبون؛
السيد رئيس المجلس الاعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي؛
السيد عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية؛
يشرفني أن أرأس اليوم الاجتماع الأول للجنة الوزارية الدائمة المكلفة بتتبع وتقييم تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. وذلك تفعيلا لأحكام القانون التنظيمي رقم 26.16 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، ولاسيما المادة 34 منه، وعملا بمقتضيات المرسوم رقم 2.20.600 صادر في 19 من محرم 1442 (8 سبتمبر 2020) بتحديد تأليف اللجنة الوزارية الدائمة.
وسيخصص هذا الاجتماع لعرض هيكلة اللجان المتخصصة والمصادقة عليها وكذا عرض مشروع المخطط الحكومي المتضمن لكيفيات تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولية ومناقشته.
ءايتما ئيماوساسن (الوزراء)
ئيسوسمييي باهرا ءاد رزمح ءانموگار ءاد لي ئيژلين س ؤوضفور ن تغاوسيوين ن توتلايت تمازيغت د ؤوسكشم نس ح ؤسلمد د توگت ن ليمور يادنين
ءانموگار ءاد ئيگا يات لمناسبة باهرا ئيستاوهمان، نرا گيس ءاد ئيفك يات تلاليت مقورن ئي تمازيغت ح تمازيرت نح
وفي هذا الإطار أنوه بالعمل التحضيري الجيد الذي قامت به الكتابة الدائمة بوزارة الثقافة والشباب والرياضة، كما أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى كل القطاعات الحكومية والمؤسسات الدستورية التي وافتنا بمخططاتها القطاعية تفعيلا لمنشور رئيس الحكومة الصادر في دجنبر 2019، والتي عملت كذلك على إشراك هيئات المجتمع المدني كل في مجال اختصاصه، وهي مناسبة لإعادة التأكيد على ضرورة توسيع هذا التشاور في سياق الاعتماد النهائي لهذا المخطط الحكومي المندمج.
أيها السيدات والسادة
في سياق انعقاد هذا اللقاء التاريخي لا بد من التذكير بعدد من المرجعيات الكبرى التي ترسم مكانة الأمازيغية ضمن الهندسة الثقافية واللغوية لبلادنا، وخاصة الدستور (الفصل 5)، الذي ينص على أن "الأمازيغية تُعدّ أيضاً لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة من دون استثناء، ويحدد قانون تنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفية إدماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وذلك كي تتمكن من القيام مستقبلاً بوظيفتها بصفتها لغة رسمية طبقا لتوجيهات جلالة الملك حفظه الله الذي ما فتئ يولي ملف الأمازيغية كامل عنايته الكريمة واهتمامه المولوي الموصول.
لقد شكل الخطاب الملكي لذكرى العرش لسنة 2001، الذي تم بموجبه إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، حيث يقول جلالته: "حرصا منا على تقویة دعائم ھویتنا العریقة؛ واعتبارا منا لضرورة إعطاء دفعة جدیدة لثقافتنا الأمازیغیة، التي تشكل ثروة وطنیة، لتمكینھا من وسائل المحافظة علیھا والنھوض بھا وتنمیتھا؛ فقد قررنا أن نحدث، بجانب جلالتنا الشریفة، وفي ظل رعایتنا السامیة، معھدا ملكیا للثقافة الأمازیغیة". إضافة إلى الخطاب الملكي بأجدير سنة 2001: الذي أكد فيه جلالة الملك على: "أن الأمازيغية، التي تمتد جذورها في أعماق تاريخ الشعب المغربي، وهي ملك لكل المغاربة بدون استثناء، وعلى أنه لا يمكن اتخاذ الأمازيغية مطية لخدمة أغراض سياسية، كيفما كانت طبيعتها"، كما اعتبر جلالته "... أن النهوض بالأمازيغية مسؤولية وطنية، لأنه لا يمكن لأي ثقافة وطنية التنكر لجذورها التاريخية. كما أنّ عليها، انطلاقا من تلك الجذور، أن تنفتح وترفض الانغلاق، من أجل تحقيق التطور الذي هو شرط بقاء وازدهار أيّ حضارة".
إضافة لما سبق أذكر في هذا السياق ببعض المرجعيات القانونية خاصة منها القانون التنظيمي 26.16 المتعلق "بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية"، والقانون الإطار رقم 51.17 الذي نص على تطوير وضع اللغة الأمازيغية في المدرسة، ضمن إطار عمل وطني واضح ومتناغم مع أحكام الدستور، باعتبارها لغة رسمية للدولة، ورصيدا مشتركا لكل المغاربة بدون استثناء. بالإضافة للبرنامج الحكومي 2017-2021؛ الذي أكد على "تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية للقيام بوظيفتها، بصفتها لغة رسمية، عبر اعتماد القانون التنظيمي المتعلق بها والإسراع في تنزيله وفق منهجية تشاركية مع مختلف الفاعلين في مجال النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين، وتعزيز المكتسبات في مجال النهوض بالأمازيغية في التعليم والإعلام".
كما يحسن في هذا السياق أن أذكر بعض الإنجازات الكبرى التي دشنتها الحكومة منذ بداية ولايتها التشريعية، وأذكر منها تدريس الأمازيغية ب خمس معاهد عليا بناء على منشور رئيس الحكومة بتاريخ 28 يونيو 2017، وكذلك تعديل المرسوم المحدث لجائزة المغرب للكتاب بتاريخ 14 مارس 2018، بتوسيع أصنافها لتشمل ولأول مرة جائزة المغرب التشجيعية للإبداع الأدبي الأمازيغي وجائزة المغرب التشجيعية في الدراسات في مجال الثقافة الأمازيغية.
أيها السيدات والسادة
ينعقد اجتماعنا هذا في سياقات عديدة تتطلب منا تكثيف الجهود وتعبئة كل الطاقات الكفيلة بتنزيل مقتضيات القانون التنظيمي 16-26 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وفي هذا الإطار أدعو الى التسريع بالأوراش الاستراتيجية ذات الاولوية التي ينص عليها القانون التنظيمي وعلى رأسها جرد مختلف النصوص التشريعية والقانونية التي تحتاج ملاءمة مع مقتضيات القانون، إضافة إلى ملف إدماج الأمازيغية في منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، لما أولاه القانون التنظيمي من خصوصية، كما أن هذا الورش الهام ستنكب على دراسته لجنة الشؤون القانونية المقترح إحداثها لدى هذه اللجنة الوزارية، كما أن كل أعضاء هذه اللجنة الموقرة مدعوون لإغناء الوثائق التي أعدتها الكتابة الدائمة بتدقيقاتهم وتصويباتهم واقتراحاتهم التي سنأخذها بعين الاعتبار لإعداد لوحة قيادة شاملة للمخطط الحكومي المندمج تحدد التزامات الأطراف لاعتمادها في عملية المواكبة والتتبع والتنسيق التي تعد المهمة الرئيسية لهذه اللجنة. وفي هذا السياق أشكر كلا من المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي وكذا المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالنيابة عن المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وأجدد دعوتي لهاتين المؤسستين الدستوريتين لدعم جهود كل القطاعات الحكومية، وتقديم الخبرة المتحصلة لديهما كل في مجال اختصاصه.
أيها السيدات والسادة
قبل ختام هذه الكلمة اغتنم هذه الفرصة لأحيي مجددا مختلف القطاعات الحكومية، سواء التي لها عضوية باللجنة أو غيرها، على انخراطها في الإعداد الجيد لهذا الاجتماع بما ستقدمه من اقتراحات وتوصيات؛ كما أقدر عاليا الجهود الدؤوبة التي يقوم بها مختلف الهيئات الشريكة، خاصة هيئات المجتمع المدني على حسن انخراطها في هذا المشروع الوطني الإصلاحي الهام والمتميز لبلادنا تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.