كلمة رئيس الحكومة، السيد سعد الدين العثماني، بمناسبة اجتماع مجلس التوجيه الاستراتيجي لوكالة حساب تحدي الألفية-المغرب
بسم الله الرحمان الرحيم،
والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين،
السادة الوزراء؛
السيد المدير المقيم لهيئة تحدي الألفية بالمغرب؛
السيدات والسادة أعضاء مجلس التوجيه الاستراتيجي؛
السيد المدير العام لوكالة حساب تحدي الألفية-المغرب؛
حضرات السيدات والسادة؛
يطيب لي أن أترأس اليوم الدورة السادسة لمجلس التوجيه الاستراتيجي لوكالة حساب تحدي الألفية-المغرب، وهي مناسبة للوقوف على حصيلة تنفيذ البرنامج موضوع الميثاق الثاني لتحدي الألفية، خاصة وأنه أوشك على استكمال العام الثاني من دخوله حيز التنفيذ، مقتربا بذلك من منتصف الطريق، وهو ما يدعونا إلى تقييم ما تم إنجازه خلال هذه المدة، وإلى التفكير في أنجع السبل للرفع من وتيرة الإنجازات مستقبلا.
وهي كذلك فرصة للتذكير بأن المشاريع المندرجة في برنامج الميثاق المذكور قد تمت بلورتها بغاية المساهمة في النمو الاقتصادي عبر الاستثمار في الرأسمال البشري وتشجيع المبادرة الاقتصادية الحرة وتعزيز الحكامة الجيدة، وذلك من خلال مشروعين هامين:
أولهما تحت مسمى "التربية والتكوين من أجل قابلية التشغيل"، يتضمن ثلاثة أنشطة وهي ''نشاط التعليم الثانوي''، و''نشاط التكوين المهني''، ونشاط ''التشغيل''، ويهدف إلى الرفع من قابلية تشغيل الشباب ومعدل تشغيلهم من خلال تحسين جودة التعليم الثانوي وملاءمة برامج التكوين المهني مع حاجيات سوق الشغل وتطوير برامج للإدماج المهني للشباب والنساء في وضعية هشة وفق منطق التمويل المبني على النتائج.
وثانيهما تحت مسمى "إنتاجية العقار"، ويهدف إلى الرفع من إنتاجية العقار بالمغرب من خلال تعزيز استجابة أسواق العقار لمتطلبات المستثمرين وتعزيز مناخ الاستثمار، وذلك عبر ثلاثة أنشطة، وهي نشاط ''حكامة العقار'' ونشاط ''العقار القروي'' ونشاط ''العقار الصناعي''.
حضرات السيدات والسادة؛
إذا كان جزء مهم من السنتين الماضيتين خُصص لإرساء هياكل الوكالة المكلفة بتنفيذ برنامج الميثاق واستكمال مختلف الدراسات الإعدادية اللازمة لإنجاز المشاريع، فإننا نسجل بارتياح أن مختلف هذه المشاريع قد دخلت في طور الإنجازات الملموسة، وهو ما يستدعي تظافر جهود كافة الأطراف وحرص الجميع على وتيرة للإنجاز تضمن تحقيق الأهداف خلال الآجال المتعاقد عليها.
وفي هذا الصدد، لا بأس من أن نذكر بما تم إنجازه في مختلف مكونات البرنامج:
ففيما يخص الشق المتعلق ب "التربية والتكوين من أجل قابلية التشغيل":
- تمكنت الوكالة في نشاط ''التعليم الثانوي'' من استكمال الدراسات التقنية المتعلقة بأشغال البنى التحتية للمؤسسات المستفيدة بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، ومن المرتقب أن يُشرع في إنجاز هذه الأشغال ابتداء من الصيف المقبل. وستلحق بهذا الركب قريبا باقي المؤسسات المستفيدة في جهة فاس-مكناس، وجهة مراكش-آسفي. كما تم استكمال إعداد مخطط للتكوين في المجالين البيداغوجي والتدبيري يستهدف حوالي 6000 من الأساتذة والأطر الإدارية للمؤسسات المعنية، وهو مخطط طموح أغتنم فرصة هذا اللقاء لدعوة الوكالة إلى الحرص على البدء في تنفيذه في أقرب الآجال؛
- بالنسبة لنشاط "التكوين المهني"، تم الانتهاء من إعداد المساطر لاختيار المشاريع المستفيدة من تمويل صندوق شراكة، ويتعلق الأمر ب 15 مشروعا في قطاعات متنوعة كالفلاحة والصناعة والسياحة والصناعة التقليدية والصحة واللوجستيك، وسيُشرع قريبا في إنجاز الدراسات الهندسية والتقنية لمباشرة أشغال البنى التحتية لإحداث أو توسعة أو إعادة هيكلة مراكز التكوين المهني المستفيدة، وأدعو بهذه المناسبة الوكالة وكافة المتدخلين إلى جعل هذه المراكز نموذجا لإشراك القطاع الخاص وللحكامة الجيدة بما يضمن فرصا حقيقية لإدماج الخريجين في سوق الشغل.
- وفيما يتعلق بنشاط " التشغيل"، تم في مارس الماضي إطلاق طلب مشاريع الإدماج في سوق الشغل، بالاعتماد على مقاربة التمويل القائم على النتائج. ويجري حاليا إخضاع المقترحات التي توصلت بها الوكالة للتقييم قصد اختيار المشاريع المؤهلة للدعم. كما تم أيضا حصر بعض الإجراءات الأولية وذات قيمة مضافة مهمة سيتم تنفيذها في إطار دعم تعزيز منظومة رصد سوق الشغل.
أما فيما يخص مشروع "إنتاجية العقار":
- يُرتقب أن يتم في غضون شهر يوليوز المقبل انطلاق الأشغال التقنية والميدانية لعملية تمليك الأراضي الجماعية الواقعة داخل دائرتي الري بكل من الغرب والحوز، لفائدة ذوي الحقوق، على مساحة إجمالية تناهز 66 ألف هكتار.
- كما أن الدراسات التقنية والإعدادية المتعلقة بالمناطق الصناعية النموذجية تشارف على الانتهاء، حيث يُنتظر الشروع في أشغال التهيئة الخارجية خلال النصف الثاني من هذه السنة، وذلك بعدما تم استكمال الإجراءات الإدارية المتعلقة بتعبئة العقار واستصدار بعض التراخيص الإدارية، والاتفاق مع المؤسسات المعنية بالربط بالكهرباء والماء والتطهير السائل. وتجدر الإشارة كذلك إلى أنه تم إطلاق طلب المشاريع للاستفادة من دعم صندوق المناطق الصناعية المستدامة بتمويل مشترك من قبل هيئة تحدي الألفية والحكومة المغربية.
حضرات السيدات والسادة؛
بالإضافة إلى المشاريع ذات الطبيعة التنفيذية الميدانية، فإن برنامج الميثاق يتضمن إصلاحات هيكلية تهم منظومة التكوين المهني، وتحسين النظام الحالي لرصد وتحليل سوق الشغل، ووضع إطار قانوني خاص بفضاءات الاستقبال الصناعي؛ وهي إصلاحات كبرى تستدعي دعمنا جميعا، وتستوجب تشاورا موسعا بشأنها، ومواكبة خاصة اعتبارا لكون نجاحها يعتمد بدرجة قصوى على مدى تملكها من طرف جميع الشركاء والمتدخلين.
وإذا كان منوطا بالوكالة توفير الخبرة اللازمة لبلورة هذه الإصلاحات وإغنائها بالممارسات والتجارب الرائدة، فإن الوزارات المعنية مدعوة لتوفير الدعم السياسي وقيادة التشاور مع جميع الأطراف المتدخلة والتوافق حول مضمونها قبل وضعها في مسطرة المصادقة.
حضرات السيدات والسادة؛
إن أهمية المشاريع والإصلاحات المدرجة ضمن برنامج الميثاق، بالنظر لكونها تنصب على مجالات حيوية وتسائل إشكاليات مرتبطة بتأهيل الشباب وتشغيلهم واستقطاب مزيد من الاستثمارات الصناعية، تدعونا إلى جعل هذه المشاريع في صلب أولويات اهتمامنا جميعا.
كما أن محدودية المدة الزمنية لهذا البرنامج، التي لم يتبق منها إلا 3 سنوات، تستلزم منا تسريع وتيرة الإنجاز، من أجل كسب رهان تحقيق إصلاحات جوهرية وعميقة، خاصة وأن كل هذه المشاريع تدخل في دائرة المجالات المعنية بالتوجيهات الملكية السامية التي تؤكد على ضرورة إصلاح منظومة التربية والتكوين وملاءمة التكوين ومتطلبات سوق الشغل وجعل العقار في خدمة التنمية.
لذلك، فإنني أدعوكم مجددا، السيدات والسادة أعضاء المجلس، ومن خلالكم المؤسسات والهيئات التي تمثلونها، لمضاعفة الجهود من أجل كسب رهان إخراج هذه الإصلاحات والمشاريع إلى حيز الوجود خلال مدة الميثاق.
هذا ولا يفوتني، في الختام، أن أشيد بالتعبئة المستمرة للأطراف المعنية، من قطاعات وزارية ومؤسسات وهيئات عمومية، وقطاع خاص ومجتمع مدني، وانخراطها الجاد والمتواصل، من أجل إنجاح تنفيذ البرنامج موضوع الميثاق.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.