كلمة رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني في اجتماع الدورة 78 للجنة الاستثمارات

2_0.jpeg

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه،
السيدات والسادة الوزراء،
حضرات السيدات والسادة،
يطيب لي أن أرحب بكم اليوم في اجتماع الدورة الثامنة والسبعين (78) للجنة الاستثمارات، الذي ينعقد، هذه المرة، في ظرفية اقتصادية ومالية صعبة تمر بها بلادنا جراء تداعيات جائحة فيروس كورونا، وفي مرحلة جديدة من معركتنا ضد هذا الوباء، تتمثل في استعادة الحركة الاقتصاديةّ، بعد أن توفقت بلادنا، ولله الحمد، في توفير الشروط الموضوعية للخروج التدريجي والآمن من الحجر الصحي بفضل جهود كافة مكونات هذا الوطن وتلاحمها تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله. 
وقد حرصت شخصيا على تخصيص هذا الأسبوع لجملة من اللقاءات التي تهم مجال الاستثمار، بهدف إعطاء دفعة قوية لإنعاش الاقتصاد الوطني وتوفير سبل إقلاعه في مرحلة ما بعد جائحة كورونا، وذلك بدءا باجتماع اللجنة الوطنية لمناخ الأعمال، ومرورا بمجلس إدارة الوكالة المغربية لتنمية الاستمارات والصادرات، وانتهاء باجتماعنا هذا للجنة الاستثمارات، الذي سيخصص أشغاله لتدارس 45 مشروع اتفاقية وملاحق اتفاقيات استثمار بغلاف مالي إجمالي يفوق 23 مليار درهم، من شأنها توفير 3194 منصب شغل مباشر، و5406 منصب شغل غير مباشر، وتهم عدة قطاعات حيوية كالبنيات التحتية الطاقية، والطاقات المتجددة، والاتصالات، والصناعة والتجارة، والسياحة والترفيه (علما أن حجم الاستثمارات بلغ 28 مليار درهم برسم سنة 2019 كاملة).
وتعد هذه الحصيلة، من حيث حجم الاعتمادات المالية المرصودة، وكذا عدد مناصب الشغل المحدثة، مشجعة جدا، بالنظر إلى الظرفية التي نعيشها، إذ تعكس استمرارية جاذبية اقتصادنا الوطني نتيجة الإصلاحات المهمة التي باشرتها الحكومة، وتقوية صورة بلدنا داخليا وخارجيا بفضل منهجيته المتفردة في تدبير هذه الأزمة، كما تنم عن تمسك المستثمرين الخواص بإنجاز مشاريعهم، ورغبتهم في استئناف أنشطتهم الاستثمارية، بالرغم من ظروف الجائحة.  
وأنتهز هذه المناسبة لأدعوهم إلى المزيد من الانخراط في دينامية استعادة الحركة الاقتصادية والإنعاش الاقتصادي في مرحلة ما بعد الأزمة، بكل ثقة وأمل في المستقبل. كما أؤكد على أن منظومة الدعم العمومي للاستثمار تظل منفتحة على تشجيع قطاعات جديدة أو واعدة، لا سيما مع الفرص التي تتيحها الظرفية الجديدة.  
حضرات السيدات والسادة،
لا يخفى عليكم أن الحكومة تضع مسألة دعم الاستثمار في صدارة أولوياتها الاقتصادية، باعتباره المحرك الأساس لعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وإنتاج الثروة، وإحداث فرص الشغل. ومن هذا المنطلق، فقد اتخذت الحكومة خلال هذه الفترة الاستثنائية جملة من التدابير الاستعجالية التي مكنت من تخفيف وطأة الأزمة على المقاولات حتى يتسنى لها تدبير سيولتها والوفاء بالتزاماتها المالية والحفاظ على مناصب الشغل، ومن أبرزها:

  • دعم أجراء المقاولات المتوقفة عن العمل بسبب الجائحة؛ 
  • تعزيز الضمان للولوج إلى التمويلات، من خلال ثلاث آليات: "ضمان أوكسجين"، و"انطلاق المقاولات الصغيرة جدا"، و"ضمان إقلاع"؛
  • تسريع وتيرة تسديد مستحقات المقاولات، واعتماد الإيداع الإلكتروني للفواتير من لَدُنِ مُمَوني المؤسسات والمقاولات العمومية؛ 
  • الرفع من وتيرة إرجاع الضريبة على القيمة المضافة؛
  • تحسين آجال أداء المؤسسات العمومية.

والحكومة عازمة، بنفس الإصرار، على مواصلة دعم الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال من أجل توفير الأرضية الملائمة لإنعاش الاقتصاد الوطني واستعادة الحركية الاقتصادية المنشودة في مرحلة ما بعد كورونا، وذلك من خلال تنزيل مختلف الإصلاحات التي تهم تحفيز مجال الاستثمار والأعمال، وتيسير عمل المقاولة الوطنية، والرفع من تنافسيتها، وتحسين ترتيب بلادنا في مختلف التقارير الدولية، وفي مقدمتها مؤشر ممارسة الأعمال "Doing Business"، الذي نطمح أن تلج فيه بلادنا دائرة الاقتصادات الخمسين الأوائل عالميا في أفق 2021.
وفي هذا الإطار، ستحرص الحكومة مواصلة التنزيل الفعلي لورش إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وتسريع وتيرة اعتماد ميثاق جديد للاستثمار، بما يتيح تحسين آليات تحفيز الاستثمار وتبسيط وشفافية مساطره، وتيسير عمل المستثمرين.
هذا، بالموازاة مع مواصلة إصلاح الإدارة وتحديث خدماتها، من خلال تنفيذ ميثاق اللاتمركز الإداري، وإصدار ميثاق المرافق العمومية، وتنزيل مقتضيات القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، وتسريع التحول الرقمي لإرساء إدارة رقمية في خدمة المواطنين والمقاولات، لا سيما من خلال تسريع إعداد مشروع قانون يتعلق بالإدارة الرقمية الذي سيضع المبادئ الأساسية لرقمنة الخدمات الإدارية وتبادل البيانات والمعلومات، وإعطاء الحجية القانونية للقرارات والإجراءات الرقمية.
كما ستعمل الحكومة على متابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد "2016-2025"، وتحسين ترتيب بلادنا في مؤشر إدراك الفساد. وتندرج في هذا الإطار مصادقة مجلس الحكومة مؤخرا على مشروع القانون رقم 46.19 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الذي يروم توسيع وظائف ومهام هذه الهيئة الدستورية.
كما تلتزم الحكومة بتعزيز الاستثمار العمومي، باعتباره محركا أساسيا للنشاط الاقتصادي، مع الحرص على تحسين حكامته ونجاعته، وتنويع مصادر تمويله، لا سيما من خلال تفعيل الآليات الجديدة التي جاء بها القانون رقم 46.18 بتغيير وتتميم القانون رقم 86.12 المتعلق بعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص.


حضرات السيدات والسادة، 
إن تحسين مناخ الاستثمار والأعمال، وتعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد الوطني، لا سيما في ظل الظرفية الدقيقة التي يمر بها الاقتصاد الوطني والدولي، رهين بالتتبع المستمر والفعال للمشاريع الاستثمارية، ومواكبتها في مختلف مراحل إنجازها، وتذليل الصعوبات والعراقيل التي تعترضها، لا سيما ذات الطبيعة الإدارية أو الإجرائية.
وفي هذا الإطار، فإنني أدعو إلى عقد لقاء مصغر الشهر المقبل منبثق عن هذه اللجنة، من أجل دراسة المشاريع العالقة، واتخاذ القرارات اللازمة لإعطاء انطلاقة جديدة لها.
وفي الختام، لا بد من توجيه الشكر للسيد وزير الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي لحرصه على الإعداد الجيد لاجتماع هذه اللجنة، وكذا على تتبعه المباشر للملفات المدرجة في جدول أعماله. 
كما أشكر مسؤولي وأطر الوكالة الوطنية لتنمية الاستثمارات والصادرات على جهودهم في دراسة وإعداد وتتبع اتفاقيات الاستثمار، وأدعوهم إلى بذل المزيد من أجل مواكبة المستثمرين وتحفيزهم وتذليل الصعوبات التي تعترضهم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
 

النشرة الإخبارية