كلمة رئيس الحكومة بمناسبة الدورة الثالثة لمجلس إدارة الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه،
السيد وزير الدولة،
السيدات والسادة الوزراء،
السيدات والسادة كتاب الدولة،
السيد رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي،
السيد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي،
السيدة رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب،
السيدة سفيرة الاتحاد الأوربي بالمغرب،
حضرات السيدات والسادة.
بسم الله نفتتح المناظرة الوطنية "حول محاربة الأمية" التي تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله ونصره بإيلائها رعايته السامية، والتي تنظم تحت شعار " القضاء على الأمية: إنصاف والتزام وشراكة". ويشرفني بهذه المناسبة أن أرحب بكم وأن أشكركم على تلبية الدعوة للمساهمة في إنجاح هذه التظاهرة التي حرصنا على أن تتزامن انطلاقة أشغالها مع تخليد بلادنا لليوم الوطني لمحاربة الأمية.
وتندرج هذه المناظرة ضمن سيرورة التعبئة الشاملة لكل الفاعلين حول هدف القضاء على الأمية بالمغرب، وهي فرصة لتعميق التفكير والتشاور بين مختلف المشاركات والمشاركين حول منظومة محاربة الأمية ببلادنا والمجهودات الضرورية للقضاء عليها بتجاوز المعيقات والإكراهات التي يعرفها هذا المجال.
حضرات السيدات والسادة،
لقد عرفت منظومة محاربة الأمية نقلة نوعية بفضل التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
ففي الخطاب المخلِد للذكرى السابعة والأربعين لثورة الملك والشعب بتاريخ 20 غشت سنة 2000، أعطى جلالته أمره السامي بفتح مساجد المملكة لتلقين دروس محو الأمية الأبجدية والدينية والوطنية والصحية.
كما تضمنت الرسالة الملكية السامية بتاريخ 15 شعبان 1424 هجرية الموافق 13 أكتوبر 2003 بمناسبة إطلاق جلالته " لمسيرة نور" اهتماما خاصا بتعميم التعليم والقضاء على الأمية، إذ قال جلالته "... ولذلك جعلنا إصلاح نظام التربية والتكوين في مقدمة أولويات العشرية الحالية، مبوئين تعميم التعليم والقضاء على الأمية مكانة الصدارة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي أجمعت عليه كل مكونات الأمة...".
وتعززت هذه المنظومة بإحداث الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، وهو ما يمكن اعتباره مكسبا هاما بالنظر للمهام المخولة إليها، وما توفره من إمكانيةٍ في مرونة التسيير وتعبئة الفاعلين وتنويع الشراكات والبحث عن التمويلات من مصادر مختلفة، هذا بالإضافة إلى ارتكازها على رؤية منفتحة ومتجددة يتوافق عليها المتدخلون المعنيون حكومةً ومجالس منتخبة ومجتمعا مدنيا وقطاعين عاما وخاصا في إطار آليات الحكامة المتوفرة لديها.
حضرات السيدات والسادة،
لا أحد يجادل في أن الأمية تشكل عائقا أمام نمو الاقتصاد الوطني، وأنها تؤثر سلبا على الناتج الداخلي الخام لبلادنا، غير أن البعد العميق لهذه المعضلة لا يتعلق فقط بالحسابات المادية الصرفة، بل يتجاوزها إلى ضرورة الارتقاء بالرأسمال اللامادي المرتكز على بناء الإنسان، من خلال العمل على تمكين الفئة المستهدَفة من الاستفادة من حقها الدستوري في الولوج إلى تعليم يكفل لها الاندماج الاجتماعي والعيش الكريم.
وإذ نسجل أن نسبة الأمية قد انخفضت من 43% حسب الإحصاء العام للسكان والسكنى ببلادنا سنة 2004 إلى 32% سنة 2014، فإننا نؤكد بأن هذه الوتيرة، وإن كانت إيجابية، تظل غير كافية بالنظر إلى طموحات بلادنا في هذا المجال.
وعليه، وجب علينا جميعا بذل أقصى الجهود وتعبئة كافة الطاقات وتسريع وتيرة الإنجاز كما وكيفا لتحقيق الهدف المسطر في خارطة طريق الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية والمتمثل في تخفيض نسبة الأمية إلى 20% سنة 2021، وأقل من 10% سنة 2026 في أفق القضاء عليها نهائيا لتحرير بلادنا من هذه الآفة.
حضرات السيدات والسادة،
إن ولوج التعليم حق أساسي لجميع المواطنات والمواطنين، ويعد من أهمّ العناصر والمتطلّبات لتنمية المجتمع وتطوّره، كما يشكِّل أداةً فعالة لتحسين حياة المواطن اجتماعيا وصحيّا واقتصاديّا. لذا يجب تعبئة كافة مكونات المجتمع لتوعية المستهدَفين وتشجيعهم على الانخراط الفعال للاستفادة من برامج محاربة الأمية، وبرامج ما بعد محو الأمية قصد تمكينهم من تنمية ذواتهم وتمهيد الطريق أمامهم لمشاركة أفضل في تنمية المجتمع وفي الدورة الاقتصادية للبلاد.
وفي هذا الصدد، أدعو جميع المشاركات والمشاركين في أشغال هذه المناظرة إلى المساهمة الفعالة في إنجاح أوراشها قصد الخروج بتوصيات كفيلة بتسريع وتيرة الإنجازات وتحقيق الأهداف المسطرة في خارطة الطريق من أجل تخليص بلادنا من هذه الآفة المجتمعية.
وفي الأخير، أتوجه بالشكر لكافة الشركاء التقنيين والماليين المدعمين للوكالة وعلى رأسهم الاتحاد الأوربي كشريك أساسي يساهم معنا بشكل فعال في دعم البرامج المتعلقة بمحاربة الأمية.
كما أعبر عن شكري الخاص للمجتمع المدني وأؤكد على استعداد الحكومة لدعم الجمعيات والتعاونيات القرائية التي تقوم بواجب وطني حقيقي في هذا المجال، ولا يفوتني أن أتوجه بالشكر كذلك للمجالس المنتخبة والقطاعين العام والخاص الذين يقودون بحق معركة مصيرية بالنسبة لبلادنا بانخراطهم في محاربة الأمية.
وأختم كلمتي هذه بتجديد الترحيب والشكر الجزيل لضيوفنا الكرام، وكل من شرفنا بحضوره للمساهمة في إنجاح هذه المناظرة عبر تقاسم التجارب وإثراء النقاش والمشاركة في بلورة التوصيات.
كما أتمنى لأعمال هذه المناظرة التوفيق والسداد، مع الشكر الجزيل لكل المسؤولين الذين سهروا على حسن تنظيمها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.