كلمة رئيس الحكومة بمناسبة تنصيب لجنة الطلبيات العمومية
السيدات السادة الوزراء
أريد في البداية أن اشكر الحضور على تشريفنا بالمشاركة في هذا اللقاء الخاص بتنصيب اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية والإعلان الرسمي عن بدء عملها، وممارسة صلاحياتها وفق مقاربة وأسلوب جديدين وأيضا بروح جديدة.
ولعل الحضور المكثف والمتنوع في هذا اللقاء لعدد من الفاعلين المعنيين من مختلف الأطياف والتوجهات السياسية والاقتصادية والإدارية وحضور مسؤولين في الحكومة وفي جهات أخرى وفعاليات المجتمع المدني والحضور الوازن لشركائنا الدوليين وممثلي عدد من الدول والمنظمات الدولية، لتعبير صادق عن الأهمية التي يكتسيها هذا الورش المتعلق بإصلاح منظومة الطلبيات العمومية ضمن الإصلاحات التي تواكبها بلادنا.
لذلك، أريد ان أستغل هذه الكلمة للتأكيد لكم ومن خلالكم للرأي العام الوطني أن بلادنا منخرطة في هذا الإصلاح بإرادة قوية، وأن الحكومة عازمة كل العزم، وبكل الوسائل الممكنة، على تفعيل كل التدابير لجعل هذا الإصلاح حقيقة فعلية في حياة المواطن وفي حياة المقاولة وفي حياة المستثمرين وأيضا في واقع الإدارة المغربية.
نريد تغيير واقع الإدارة وتغيير واقع علاقة الإدارة بهؤلاء الشركاء المتعددين والمتنوعين لتكون علاقة أكثر إيجابية وتستجيب للمعايير الدستورية ولمعايير الحكامة الجيدة وللشفافية والنزاهة والجودة، كلها أمور كانت وراء إخراج هذا الورش إلى الوجود.
وما تنصيب اللجنة الوطنية للطلبيات العمومية اليوم إلا حلقة من حلقات هذا الإصلاح الذي تعلن عنه الحكومة اليوم وستتابعه بكيفية مستمرة ودقيقة من أجل تحقيق الأهداف المسطرة سواء على المدى القريب أو المتوسط.
وكما تعلمون، فإن هذه اللجنة تعتبر أداة إدارية مستقلة في مهامها، لها أدوار وقائية وتأطيرية وتدخلية وكذلك استشارية واقتراحية من أجل جعل مجال الطلبيات العمومية مجالا للتنافسية الشريفة ولتحقيق الجودة، فهي إذن أداة عقلانية وشفافة لاستعمال المال العمومي في تحقيق ما نصبو إليه جميعا من تنمية اقتصادية واجتماعية.
صحيح أن الطلبيات العمومية تعد أداة تعاقدية بين الإدارة والمقاولة، وبين الإدارة والمستثمر وتخضع لضوابط قانونية محددة وواضحة، وصحيح أنها تهتم بمساطر وإجراءات ولها أنظمة وقواعد تحددها السلطات العمومية، لكن باعتبارها وسيلة لتدبير أنشطة المرافق العمومية، فهي ليست غاية في حد ذاتها، إنما وسيلة لتحقيق أهداف مطلوب من الإدارة والسلطات العمومية أن تستحضرها دائما أثناء الإعلان عن صفقة عمومية أو خلال إبرام عقد من العقود لإنجاز أشغال معينة مثلا أثناء طلب توريث بضاعة أو لإنجاز خدمات.
هناك إذن أهداف تكمن أولا في تأمين الخدمات الجيدة التي تقدمها المرافق العمومية المواطنة وتحقيق جودتها من خلال عقلنة تدبير المال العام الذي يؤدي إلى تنمية اقتصادية واجتماعية وجعلها أداة لجذب المستثمرين وتشجيعهم لتحسين مناخ الأعمال، وتحسين الجو العام للمتدخل في التنمية.
وبدون تحقيق هذه الأهداف، فلن تكون أية استفادة، لذلك، يجب أن تكون الطلبيات العمومية أداة نزيهة ومعقلنة شفافة سواء أكانت عبارة عن صفقات عمومية، في شكل طلبات عروض، أو كانت عقودا للتدبير المفوض أو عقودا للشراكة بين القطاعين العام والخاص.
إن وجود لجنة للطلبيات العمومية يعتبر مرجعا للإدارة وللمقاولة ولرجل الأعمال، وأيضا لعدد من المواطنين، فهي تبث بكيفية مستقلة وبطريقة مهنية في مختلف النزاعات التي قد تحدث بين الإدارة والمقاولة، وتواكب الإدارة العمومية المكلفة بالشراءات العمومية وتقديم مقترحات للحكومة لتحسين وتجويد المنظومة القانونية المتعلقة بالطلبيات والمشتريات العمومية.
اليوم وبالنسبة إلى الشراءات العمومية، لا يوجد أي نظام موحد بين الإدارات، بل هناك هامش كبير تتصرف فيه كل إدارة على حدة، ونحن نريد أن تكون لدينا معايير موحدة في مختلف الإدارات سواء كانت إدارات مركزية أو ترابية، وتوجهات عامة موحدة، وجهاز نرجع إليه في حال وجود تساؤلات لدى مدبر الشأن العام أو مسؤول في الإدارة أو إبان الحصول على رأي استشاري قانوني أخلاقي معقلن، يمكن أن ينفع كل مسؤول أينما كان وكلما واجهته إشكالات التي لا تجيب عنها القوانين الموجودة حاليا.
وتعد هذه اللجنة مرجعا للمسؤول، وهذا شيء مهم، ومرجعا للمقاولة ولرجل الاعمال، ففي حال وجود إشكالات مع الإدارة، هناك الجهة التي يمكن أن يشتكى اليها لتعطي الرأي، إنها أداة مستقلة مهنية يشرف عليها مسؤولون من مستوى عال من المهنية، اشتغلوا على موضوع الطلبيات العمومية من مختلف المواقع، واليوم سيقدمون خبرتهم المهنية والعلمية لإنجاح هذا الورش الوطني.
فنحن في عمق تنزيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، ومكافحة كل أنواع التدبير السيء للشأن العام، وأداة الطلبيات العمومية ستساعد على إغلاق منافذ استعمال المال العام بطرق غير مشروعة والتصدي للرشوة وغيرها، ما دم الآن يمكن للإدارة والمقاولات ومختلف الفاعلين الرجوع اليها.
نحن مقتنعون اقتناعا راسخة بأن هذه الآلية، فضلا عن كونها أداة من أدوات تخليق الحياة العامة، فإنها، في الوقت ذاته، أداة لترسيخ الثقة والمصداقية لدى الفاعلين سواء مغاربة أو أجانب، وعلينا أن نعزز الثقة في بلادنا ومصداقية ما تقوم به السلطات العمومية والإدارة وما يقوم به القطاع الخاص، فكل هذا يحتاج إلى بناء جسور الثقة القوية، لذلك فوجود هذه اللجنة يعد من بين عناصر الثقة لدى المستثمر ولدى المقاولة لأنها جهة مستقلة عن الإدارة يمكن أن تقدم رأيا واستشارة وهي ضمانة فعلية لحماية المقاولة والمستثمر من أوجه التعسف التي يمكن التعرض لها، فهذه رسالة إلى المستثمرين وإلى المقاولة بأن تشجع وتخوض غمار الاستثمار اليوم، وهي مسلحة بهذه الأداة التي يمكن الرجوع اليها عند وقوع أي إشكال.
لقد اخترنا أعضاء اللجنة بعناية وخبراء متمرسين في مجال اختصاصهم كل في مجاله القانوني والمالي والاقتصادي والادراي كلهم خدموا المغرب لعقود من الزمن وخبروا علاقة الإدارة بالمستثمر عمليا لذلك نحن هنا لنستفيد من خبرتهم
واللجنة مدعوة للانفتاح اكثر من اجل تطبيق سليم للقانون في ما يعرض عليها من حالات عبر برنامج عمل طموح من اجل تأهيل مختلف الشركاء في مسلسل اعداد وتنفيذ الشراءات العمومية وترسيخ قواعد عملية محددة وتوحيد مساطر العمل والرفع من قدراتهم من اجل القضاء على مخنلف الاكراهات والعراقيل والمشاكل التي تعترض الإدارة العمومية في هذا المجال او المقاولة والمستثمر والتعثر والخلل في مجال الطلبيات العمومية بمعنى أن اللجنة ليست فقط مرجع للشكايات بل أيضا لجنة استبقاية تحاول ان تعطي رأيا استثتريا لتطوير مجال الطلبيات العمومية اليوم تعلق امال كبيرة على هذه اللجنة واعضاؤها حاضرون ينصتون ويستعون ونعول على حسن تنسيق عملهم مع مختلف المتدخلين سواء كانوا إدارات عمومية او غيرهم من مستثمرين ومقاولين ومجتمع مدني لزرع قيم الثقة المتبادلة والاعلان الفعلي لمبادئ المساواة وتكافو الفرص وترسيخ الشفافية وثقافة الانصات والتواصل بين الإدارة والمقاولة من اجل ان تكون قراراتنا مسؤولية وذات مصداقية تساعد على تفعيل الاستثمار ودور المقاولة وهذه المبادرة تندرج بطبيعة الحال بتفعيل احكام الدستور لجعل من مهام السلطات العمومية العمل على الوقاية من كل اشكال الانحراف التي قد تشوب عمل الإدارة العمومية في حال استعمال الأموال العمومية او الثفقات العمومية خارج اطار القانون ومبادئ النزاهة والشفافية والمصلحة العامة وأيضا هذه اللجنة تندرج في اطار التوجيهات الملكية السامية في تطبيق هذه المبادئ بطريقة مسرولة وصارمة مع ربط المسؤولية لالمحاسبة
املنا كبير ان تحقق اللجنة ما هو مرجو منها بتعاون الجميع وادعو اللجنة الى تظافر الجهود والى التنسيق الوثيق والتواصل الفعال لتحقيق ما تصبو اليه بلادنا خدمة للمواطن واستجابة لانتظارات المواطن وان نكون في مستوى تطلعات الشعب المغربي وانتظارات جلالة الملك حفظه الله.