كلمة رئيس الحكومة خلال القمة الثالثة لمنتدى التعاون الإفريقي – الصيني
بسم الله الرحمن الرحيم.
فخامة السيد شي جين بينغ، رئيس جمهورية الصين الشعبية الصديقة،
فخامة الرئيس راما فوزا، الرئيس المشارك لهذا المنتدى،
أصحاب الفخامة والسعادة،
حضرات السيدات والسادة.
في البداية، أريد أن أنقل لفخامتكم تحيات جلالة الملك محمد السادس حفظه الله ومتمنياته الصادقة بنجاح فعاليات هذه القمة لما فيه خير العلاقات التقليدية بين إفريقيا وجمهورية الصين الشعبية، وأعبر عن سعادتي لتمثليه فيها.
كما أتوجه بصادق التهاني، لكل من جمهورية الصين الشعبية والدول الإفريقية المشاركة على نجاح الجهود المقدرة التي بذلوها لتعزيز دور هذا المنتدى منصة للتبادل، منصة للحوار وللتعاون المتميز وإطارا فعّالا لإثراء المقومات الاستراتيجية للعلاقات الإفريقية الصينية وتوسيع آفاق التعاون العملي بين الجانبين.
وإن هذه القمة ستعطي دفعة قوية لتلك العلاقات، مستندة إلى رصيد جيد من التعاون والاحترام المتبادل، وإلى إرادة والتزام الدول الأعضاء بتعزيزها والارتقاء بها.
وإن المملكة المغربية، العضو النشط والمسؤول في هذا المنتدى والملتزم بقضايا القارة الإفريقية، والتواق إلى نظام اقتصادي أكثر عدلا وتوازنا، لتعرب عن ارتياحها للتقدم الحاصل في تنفيذ ومتابعة مخطط العمل ما بين 2016 و2018. ونؤمن بأنه يتعين المضي قدما في تعزيز وتقوية الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول الإفريقية، لما لذلك من نتائج إيجابية بالنسبة للجانبين وعلى جميع الأصعدة.
كما نؤكد استعدادنا التام للإسهام الفعال في كل المبادرات الهادفة لتطوير آليات العمل المشترك، والتعاون البيني، وتشجيع الاستثمار، وتأهيل الاقتصاد على أساس الربح المشترك، وفي احترام تام لسيادة الدول ووحدتها الترابية وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
إن جمهورية الصين الشعبية التي نجحت في أن تصبح أكبر دولة نامية في العالم بفضل نموذجها التنموي المتفرد الركائز والأهداف، تعد مصدر إلهام للدول الأفريقية التي تعمل على إرساء مسارها التنموي الخاص بها، مستفيدة في ذلك بما تتيحه المبادرات الصينية من فرص هامة، وفي مقدمتها مبادرة "الحزام والطريق". وهي مبادرة، من شأنها إعطاء مضمون ملموس وواقعي لعلاقات التعاون الثنائي بين الطرفين.
إن النظام الدولي يمر بتغييرات عميقة، سواء من حيث الأطراف المؤثرة فيه، أو وسائل تدبيره، وهو ما يحتم علينا تعزيز التعاون الصيني -الإفريقي لرفع التحديات التي تواجه القارة، كالإرهاب العابر للحدود والهجرة والجريمة المنظمة والتغيرات المناخية، وكلها تحديات تترصد إفريقيا، لكن بفضل عزيمة القارة، ودعم وإسناد شركائها الصادقين، يمكن التغلب عليها.
ومن المهم أيضا تضافر جهود الجميع لحل النزاعات المصطنعة التي ترهن مسيرة القارة في اتجاه الوحدة والتكامل. وفي هذا الصدد، نعبر عن تقدير المملكة المغربية للموقف البناء والمتزن لجمهورية الصين الشعبية إزاء قضايا القارة وتفاعلها الإيجابي مع كل المبادرات الجادة وذات المصداقية الهادفة إلى حل النزاعات السياسية بالطرق السلمية. وإن المغرب يجعل التعاون الإفريقي، أولوية الأولويات في سياسته الخارجية.
حضرات السيدات والسادة
لقد انخرطت إفريقيا مند عقود، وبشكل طوعي في مجموعة مهمة من منتديات التعاون الثنائية والقارية، لكن يظل لهذا المنتدى مكانته الخاصة.
وأود، في هذا الإطار، أن أعبّر عن تقدير المملكة المغربية الخالص، لجمهورية الصين الشعبية، على حرصها لجعل هذا المنتدى متفردا ومتميزا من حيث فلسفته، وطرق تدبيره، وآلياته، وأهدافه، وتوجهاته، أو من حيث طبيعة مخرجاته.
فبالرغم من حداثة نشأته، استطاع منتدى التعاون الافريقي الصيني، أن يحقق نتائج عملية ملموسة ساهمت بشكل جلي في الرقي بالعلاقات بين الطرفين والدفع بها إلى آفاق أرحب.
وإن إفريقيا التي تحتاج إلى تشييد المزيد من البنيات التحتية والاعمار وتحفيز الاستثمارات وخلق فرص الشغل المدرة للدخل، تحتاج أيضا إلى شراكات تعاون من جيل جديد سواء على المستوى الثنائي، أو في إطار التعاون الثلاثي أو متعدد الأطراف تتبوأ فيها القطاعات المنتجة للثروة والشغل مكانة خاصة. ولن يتأتى ذلك إلا عبر شراكات يتم من خلالها تقاسم المعارف وبناء القدرات ونقل التكنولوجيا.
وفي هذا الصدد، تثمن المملكة المغربية وضع أصدقائنا الصينيين ثقتهم في الدول الإفريقية، واستثمار ثروات ومؤهلات الصين في خدمة التقدم المشترك لشعوبها من أجل اللحاق بركب الدول الصاعدة.
ونوجه الشكر، للسيد الرئيس شي جي بينغ، على مبادراته الثمانية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي المهم في الاستثمار والدعم للتنمية في افريقيا، والتي أعلن عنها في خطابه الافتتاحي.
فخامة الرئيس
إن مبادرتكم، ذات الحملات الثمانية، أعطت للعلاقات الصينية الإفريقية بعدا عمليا، وبعدا مستقبليا، وبعدا تنمويا قويا.
فشكرا لكم.
حضرات السيدات والسادة،
لقد جعل المغرب من تنويع شركائه خيارا استراتيجيا، وتوجها متجددا في سياسته الخارجية. وفي هذا إطار، لا يسعني إلا أن أنوه عاليا بمستوى العلاقات التي تجمع المملكة المغربية بجمهورية الصين الشعبية، وبالقيم المشتركة التي يتقاسمها بلدانا، اللذان يحتفلان هذه السنة بالذكرى 60 لإقامة علاقاتهما الدبلوماسية.
وأجدد تأكيد عزم المملكة المغربية على العمل مع جمهورية الصين الشعبية الصديقة على تفعيل "الشراكة الاستراتيجية" التي وقعت بين البلدين سنة 2016، وأيضا "مذكرة التفاهم حول مبادرة الحزام والطريق" بما يجسد حرصنا على الارتقاء بالعلاقات بين بلديتا إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة في كافة القطاعات الاقتصادية الواعدة وذات القيمة المضافة.
وتجسيدا لهذا المنحى، شهدت العلاقات الاقتصادية، وشهدت المبادلات التجارية بين المملكة المغربية وجمهورية الصين الشعبية تناميا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، جعلت الصين تتبوأ المركز الثالث ضمن قائمة المُصدرين الأساسيين للمملكة، حيث شهدت المبادلات التجارية الثنائية ارتفاعا بنسبة 50 في المائة خلال الثلاث سنوات الأخيرة. كما استثمرت الصين، مند بضع سنوات، في عدد مهم من المشاريع بالمغرب وهو ما بوأ المملكة المرتبة الثانية من حيث جلب الاستثمارات الصينية بإفريقيا.
وقد حرص جلالة الملك محمد السادس على إضفاء بعد إنساني خاص في إطار شراكة المغرب مع الصين عبر تحفيز التبادل والتقارب الإنساني والاجتماعي، من خلال إعفاء المواطنين الصينيين القاصدين المملكة من التأشيرة، وهو ما ساهم في ارتفاع عددهم، سواء في إطار التبادلات الجامعية والثقافية أو من أجل أغراض سياحية.
وأخيرا،
أجدد شكري لجمهورية الصين الشعبية، باسم المملكة المغربية قيادة وحكومة وشعبا، على حسن الاستقبال، وعلى ما بذلته من جهود لتنظيم وإنجاح هذا المنتدى، الذي يحدونا طموح كبير من أجل تطويره وتعميقه والرقي به إلى شراكة حقيقية منتجة للثروة، منتجة للصداقة المتينة التي تعمق أكثر، الصداقة التقليدية بين إفريقيا وجمهورية الصين الشعبية.
وشكرا لكم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.