كلمة رئيس الحكومة، السيد عزيز أخنوش بمناسبة انعقاد اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة في نسختها الثالثة

Photo-2- 2022-04-14.jpeg

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.

السيدات والسادة الوزراء؛
السيد المندوب السامي للتخطيط؛
السيد الرئيس المدير العام للوكالة المغربية للطاقة المستدامة؛
السيد المدير العام للوكالة المغربية للنجاعة الطاقية؛ 
السيدة رئيسة جمعية رؤساء جهات المغرب؛
السيد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب؛
السيد رئيس المجموعة المهنية لبنوك المغرب؛
حضرات السيدات والسادة،

1-    السياق العام والإطار المرجعي  

يطيب لي أن أترأس اليوم، أشغال اجتماع اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة، الذي ينعقد في أجواء شهر رمضان الفضيل، نسأل الله عز وجل أن يجعلها أيام خير ويمن وبركات للجميع، وأن يرفع عنا الوباء وأن يحفظ بلادنا والإنسانية جمعاء من كل سوء. 
وينعقد هذا الاجتماع، طبقا لمقتضيات المرسوم 2.19.452، الذي وضع إطارا جديدا لحكامة التنمية ببلادنا، بهدف تتبع تنفيذ مضامين الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة وكذا تنزيل الأجندة الأممية 2030 وتحسين التقائية الاستراتيجيات والسياسات العمومية في هذا المجال.
ولا يخفى عليكم بأن بلادنا انخرطت، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، في سياسة استباقية وطوعية تروم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والوفاء بالالتزامات الدولية واستكمال الأوراش التنموية ذات الصلة. 

ويتجلى ذلك في العديد من المحطات، حيث أن دستور المملكة لسنة 2011، كرس الحق لكل المواطنين في التنمية المستدامة والعيش في بيئة سليمة، كما تم سنة 2014، إصدار القانون الإطار رقم 99.12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، والذي نص على ضرورة إعداد استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة، التي اعتمدها المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 25 يونيو 2017، وذلك بهدف رفع رهانات تعزيز حكامة التنمية، وتحقيق الانتقال التدريجي نحو الاقتصاد الأخضر. كما التزم المغرب، كمجموع المنتظم الدولي سنة 2015 بتنزيل الأجندة الأممية 2030.
ولعل اجتماعنا اليوم في هذه الظرفية الاستثنائية التي نعمل فيها على رفع تحديات الخروج من جائحة كورونا والحد من آثارها السلبية، وكذا مواجهة تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية على الاقتصاد العالمي ككل، واقتصاد بلادنا على الخصوص، هو مناسبة للوقوف على الإكراهات والإنجازات المتعلقة بالتنمية المستدامة التي تعتبر اليوم أحد ركائز النموذج التنموي الجديد، الذي التزم البرنامج الحكومي بتفعيله في جميع محاوره وأهدافه من خلال مواكبة تحول الاقتصاد الوطني وتكريس الدولة الاجتماعية وتنمية الرأسمال البشري.
حضرات السيدات والسادة،
سيخصص اجتماعنا هذا، لتدارس التقرير الوطني السنوي للمندوبية السامية للتخطيط تطبيقا لمقتضيات المادة 9 من المرسوم السالف الذكر، وكذا نتائج تقييم الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة وخارطة الطريق لمراجعتها تبعا للقرار الصادر عن هذه اللجنة خلال اجتماعها الأخير.

2-    التقرير الوطني للمندوبية السامية للتخطيط تحت عنوان:

 أهداف التنمية المستدامة بالمغرب في سياق جائحة كوفيد- 19
لقد كان المغــرب، بفضل السياسة الرشيدة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، مــن أسرع البلـدان اسـتجابة للحـد مـن آثـار هـذه الجائحـة اقتصاديا واجتماعيا، حيث لجـأ في وقـت مبكـر إلى مجموعة من الإجراءات النوعية والغير مسبوقة، كاعتماد حكامة متميزة لتدبير هذه المرحلة تجلت في خلق لجان متخصصة، كما بادر أيضا بإحداث الصنــدوق الخــاص بتدبــير جائحــة فيــروس كورونــا «كوفيـد-19»، الذي خصص لتحمـل النفقـات الاسـتثنائية في الميــدان الصحــي ودعــم أنشــطة المقــاولات وتقديم مســاعدات مالية مباشرة للفئــات الأكـثـر هشاشــة. وفي نفس السياق، تم وضع إطار قانوني لحالة الطوارئ الصحية، حرص على ضمان الالتزام بمبدأ الشرعية والامتثال الصارم لأحكام الدستور والاتفاقيات الدولية ولاسيما تلك المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية.
وقد كان لهذه الإجراءات نتائج إيجابية مكنت على سبيل المثال من الحد من تعميق مستوى الفقر والهشاشة. حيث أن معدل الفقر ارتفع من 1.7 في المائة سنة 2019، إلى 2.5 في المائة أثناء الحجر سنة 2020، ومعدل الهشاشة من 7.3٪ إلى 8.9٪. وقد كان من الممكن أن يصل معدل الفقر إلى 11.7 في المائة ومعدل الهشاشة إلى 16.7 في المائة في غياب هذه الإجراءات.
وإجمالا، ورغم هذه الظروف الاستثنائية، تمكنت بلادنا مــن تحقيــق عــدة أهداف وفقا لما هو مسطر بالأجندة الأممية 2030، وخاصـة تلـك المتعلقـة بالرأسـمال البـشري، كما أنها تسير بخطى ثابتة نحــو تحقيــق الأهداف ذات الصلــة بالرأســمال المــادي، وكذا تلك المتعلقـة بمكافحـة آثـار التغيـر المناخـي. ومما لاشك فيه، أن البرامج والاستراتيجيات المعتمدة في هـذه المجـالات، ستسرع من وتيرة الإنجازات على مسار تحقيق الأهداف المتوخاة.

3-    تقييم الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 

حضرات السيدات والسادة،
لقد شكلت الاستراتيجية الوطنية للتمنية المستدامة قفزة نوعية وسياسة إرادية وطموحة بهدف تسريع الانتقال إلى اقتصاد أخضر وشامل بحلول عام 2030 بتبنيها لــــــــ 7 رهانات كبرى موزعة حول 31 محورا استراتيجيا و 137 هدفا. وقد أبان تتبع تنفيذها، منذ اعتمادها سنة 2017، عن تحقيق نسبة إنجاز بلغت في المجمل 58 في المائة مع نهاية مايو 2021 (72 في المائة بالنسبة للمخططات القطاعية و44 في المائة لميثاق ميثالية الإدارة)، والتي تبقى دون الطموح الذي نصبو إليه.
وبهدف الرفع من نجاعة أداء الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة وملائمتها مع المستجدات الوطنية والدولية قامت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بدراسة تقييمية لبحث سبل تحيين هذه الاستراتيجية، حيث رصدت هذه الدراسة المعيقات التي تحول دون تحقيق الأهداف المتوخاة والمتمثلة في اعتماد بلادنا مرجعين مختلفين: الأول دولي يتمثل في الأجندة الأممية، والثاني وطني يتعلق بالاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، وأن كلا هما يعتمد أهدافا وآليات مختلفة الشيء الذي ينتج عنه ضبابية في تحديد الأهداف الوطنية للتنمية المستدامة.
وأبانت الدراسة، أن أكثر من 600 تدبير معتمد في هذه الاستراتيجية مستمد من البرامج القطاعية لسنة 2020 والتي أصبحت متجاوزة اليوم وأنها لم تأخد بعين الاعتبار البعد الترابي والجهوي بشكل يراعي خصوصية كل جهة ويضمن تنزيلها بشكل متوازن. كما أن عددا كبيرا من أهدافها لا يتوفر على مؤشرات وقيم مرجعية مما يصعب معه تتبع مراحل التنفيذ. 

4-    آفاق مستقبلية وتوجيهات

حضرات السيدات والسادة،
إن حجم التحديات التي تنتظر بلادنا في تنزيل الأجندة الأممية في هذه السنوات التي تفصلنا عن 2030، يستلزم مزيدا من التنسيق والاحترازية والالتقائية والفعالية في البرامج والمشاريع والسياسات القطاعية، مع إعادة ترتيب الأولويات بالنظر لتداعيات جائحة كورونا والظرفية الاستثنائية التي يمر منها العالم. لذا أدعوكم إلى إطلاق دينامية جديدة فيما يخص تحيين الاستراتيجية حتى تتلاءم وأهداف التنمية المسطرة بالأجندة الأممية.
كما أذكركم بأهمية البعدين الجهوي والترابي في الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، وذلك تطبيقا لمبدأ الترابية المشار إليه في القانون الإطار 99-12 بشأن الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة، والذي من شأنه أن يساهم في الرفع من تحدي تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.

والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.
 

النشرة الإخبارية